شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب السير

صفحة 546 - الجزء 6

  وأيضاً في خطبة له طويلة روي أن علياً # خطب في الجامع بعد ما فرغ من حرب أهل الجمل، فقام إليه رجل يقال له عباد بن قيس، فقال: إنك قسمت ما حواه عسكر عدونا، وتركت الأموال والنساء والذرية، فقال #: (أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة، وتزوجوا على الرشد، وولدوا على الفطرة، وإنما لكم ما حواه عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم) والخطبة طويلة، ويقول فيها: (أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق؟) وفيها: (فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه؟) فقالوا: يا أمير المؤمنين، أصبت وأخطأنا، وفيها عن بعض الأنصار أنه قال عند ذلك شعراً:

  إن رأياً رأيتموه سفاهاً ... لخطأ الإيراد والإصدار

  ليس زوج النبي تقسم فيئاً ... ذاك زيغ القلوب والأبصار

  ليس ما ضمت البيوت بفيءٍ ... إنما الفيء ما تضم الأواري

  من كراع في عسكر وسلاح ... ومتاع تبيع أيدي التجار

  في أبيات طويلة.

  وروى أبو مخنف بإسناده عن علي # أنه كان يأمر في كل موطن لقينا فيه معه عدواً، فيقول في حديث له طويل: (ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتموه في عسكرهم).

  وروى أيضاً أبو مخنف في حديث طويل: أن علياً أمر أن يحووا ما كان في عسكر النهروان من شيء، فأما السلاح والدواب وما شهر به عليه فقسمه بين المسلمين، وأما المتاع والعبيد والإماء فإنه حين قدم رده على أهله.

  فكل هذه الأخبار دالة أن علياً # جعل ما حواه من عسكر أهل البغي الذي استعين به على المحقين غنيمة.

  فإن قيل: ففي الحديث الأخير أنه # رد المتاع والعبيد والإماء على أهليهم.