باب القول في محاربة أهل البغي
  أعطوه على وجه محظور كما بيناه، أو يكونوا قضوا به ديونهم، فكل ذلك مأخوذ ممن هو في يده؛ لأن الآخذ لم يملكه على وجه من الوجوه، هذا إذا كانت قائمة بعينها، فإن كانت مستهلكة ضمنوا ما أخذوا من ذلك؛ لأنهم في ذلك في حكم الغاصبين؛ لأنهم أخذوا ما هو للفقراء ومصالح المساكين، فلم يملكوه بتة، وهذا هو الفرق بين من أخذ من هؤلاء المفسدين ما هو من ملك من أعطاه وما هو من مال الجباية؛ لأن ما أخذوه من أموال أنفسهم ملكوه على وجه محظور، فيلزمهم رده ما دام قائماً بعينه، ولا يلزمهم ضمانه بعد الاستهلاك؛ لأن هذا هو حكم ما صار ملكاً للإنسان من وجه محظور، وما كان من أموال الجبايات فإنهم لم يملكوه على وجه من الوجوه، فيلزمهم رده ما دام قائماً بعينه وضمانه بعد الاستهلاك، فعلى هذا يجب أن يجري حكم هذه الأموال.
مسألة: [فيما يستحب للإمام إذا زحف لمحاربة العدو]
  قال: ويستحب للإمام إذا زحف لمحاربة العدو أن يكرر عليهم الدعوة، ويبعث إليهم نفراً من أهل الدين والفضل ينصحونهم ويعرفونهم رشدهم، فإن لم ينجع ذلك فيهم صف عسكره، ونشر المصاحف على الرماح وأيدي الرجال يدعوهم إلى ما فيها(١).
  وذلك لقول الله تعالى: {اَ۟دْعُ إِلَيٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ اِ۬لْحَسَنَةِ}[النحل: ١٢٥]، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاٗ مِّمَّن دَعَا إِلَي اَ۬للَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحاٗ وَقَالَ إِنَّنِے مِنَ اَ۬لْمُسْلِمِينَۖ ٣٢}[فصلت]، وقوله: {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَاۖ}[الحجرات: ٩]، وقوله تعالى: {۞لَّا خَيْرَ فِے كَثِيرٖ مِّن نَّجْوَيٰهُمْ ...} الآية [النساء: ١١٣]، ولما روي عن أمير المؤمنين # أنه كان يكرر رسله يوم الجمل وفي صفين يعظهم ويدعوهم إلى كتاب الله ø وحكمه.
  قال: ويستحب إن أمكنه أن يتوقف من قتالهم ثلاثة أيام، يصف عسكره في
(١) الأحكام (٢/ ٣٧٨، ٣٧٩).