شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 388 - الجزء 1

  ويوقظ نائمكم، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم».

  فإن قيل: فما الوجه فيما روي أن بلالاً أمر بإعادة الأذان حين أذن قبل الفجر، وأن النبي ÷ قال له: «لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر»، ثم روي عنه ÷: «إن بلالاً يؤذن بليل»؟

  قيل له: يجوز أن يكون ما روي أولاً من أمره بإعادة الأذان ونهيه عنه قبل الفجر كان حين كان هو المنصوب لتعليم الفجر، ويدل على ذلك أنه كان في أول الأمر قول النبي ÷ له: «ناد: إن العبد نام»، فبان أن الناس لم يكونوا عهدوا النداء قبل الفجر، فخاف النبي ÷ أن يخطئ قوم فيصلوا قبل الفجر.

  فأما ما روي: «إن بلالاً يؤذن بليل» فيجوز أن يكون النبي ÷ قال ذلك لأنه كان نصب لتأذين الفجر ابن أم مكتوم.

  فإن قيل: إذا سلم لنا أن الأفضل هو التغليس بالفجر فلا بد من أن يقع الأذان قبل الفجر.

  قيل له: ليس الأمر على ما قدرت؛ لأن الأذان وإن وقع بعد طلوع الفجر فإن القدر الذي يتأهب الإنسان فيه للصلاة لا يخرجه من أداء الصلاة في الغلس، على أن الأذان إنما هو دعاء إلى الصلاة لا إلى الاستعداد، فلا يجب أن يتقدم على وقت الصلاة، على أن من أراد الأفضل يمكنه أن يستيقظ قبل الفجر ويستعد حتى يصادف الوقت مستعداً كما يفعله المؤذن نفسه.

  فبان بهذه الوجوه أنه لا معنى لتعلقهم بما تعلقوا به.

  ويدل على ذلك: أنه لا خلاف في أن سائر الصلوات سوى الفجر لا يجوز أن يؤذن لها قبل وقتها، فكذلك الفجر؛ قياساً على سائر الصلوات بعلة أنه أذان جعل دعاء إلى الصلاة فلا يجوز أن يتقدم على وقتها، [ونبه النبي ÷ على هذه العلة بقوله: «إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم». فنبه على أن أذانه لما لم يكن للصلاة قدم