شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 407 - الجزء 1

  فإن قيل: الأخبار التي رويت في هذا الباب يحتمل أن يكون المراد بها أنه ÷ فرغ من الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي كان ابتدأ العصر فيه في اليوم الأول.

  قيل له: ظاهر هذه الأخبار ينطق بخلاف ذلك؛ لأن فيها أنه ÷ صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، فكان الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول هو الوقت الذي صلى فيه الظهر في اليوم الثاني بعينه.

  فإن قيل: روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ÷: «إن للصلاة أولاً وآخراً، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر»⁣(⁣١)، فثبت بذلك أن دخول وقت العصر عند خروج وقت الظهر.

  قيل له: نحن لو جعلنا هذا الحديث دلالة على صحة مذهبنا لساغ؛ لأن ظاهره يشهد لنا؛ ألا ترى أنه ÷ قال: «وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر»، والهاء راجعة إلى جميع صلاة الظهر لا إلى آخر جزء منها؟ فإذاً صار⁣(⁣٢) ظاهره يدل على أن آخر وقت صلاة الظهر بكمالها أول وقت العصر بكمالها، على أن الوجه الذي أشاروا إليه لا يستقيم على مذهبهم؛ لأنهم لا يقولون: إن وقتاً واحداً يشترك فيه آخر الظهر وأول العصر، بل لا يجوز دخول وقت العصر إلا بعد خروج وقت الظهر، وهذا واضح، وما ذكرناه من أن هذا الخبر شاهد لمذهبنا بين.

  فإن استدلوا بحديث أبي قتادة قال: قال رسول الله ÷: «ليس في النوم


(١) أخرجه أحمد في المسند (١٢/ ٩٤) والترمذي (١/ ٢٢٠).

(٢) «صار» ساقطة من (ب، ج).