باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
مسألة: [في عدم جواز الصلاة في الأرض المغصوبة ولا في الثوب المغصوب]
  قال القاسم #: ولا تجوز الصلاة في الأرض المغصوبة ولا في الثوب المغصوب.
  وهذا منصوص عليه في كتابه المسمى بكتاب الصلاة.
  والذي يدل على ذلك أنه قد ثبت أن الكون في الأرض المغصوبة مع التمكن من الخروج منها معصية، وثبت أن الصلاة قربة، فثبت أن الذي يقع من الكائن في الدار المغصوبة من الصلاة على الوجه الذي بينّا لا يكون صلاة.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون ذلك معصية من وجه وطاعة من وجه، فلا يجب أن يكون معصية قربة؟
  قيل له: هذا لا يصحّ، وذلك أن الفعل لا يخلو من أن يقع على وجه يقبح أو يقع على وجه لا يقبح، فإن وقع على وجه يقبح لم يجز أن يكون طاعة؛ لأن الله تعالى لا يأمر بما يقبح على بعض الوجوه، وإن وقع على وجه لا يقبح على بعض الوجوه لم يجز أن يكون معصية؛ لأنه الله تعالى لا ينهى عما ليس بقبيح، فثبت فساد قول من يقول: إنه معصية من وجه وطاعة من وجه.
  فإن قيل: قد حصل الإجماع على خلاف مذهبكم.
  قيل له: لا معنى لادّعائكم الإجماع؛ لأن المسألة خلافية؛ ولأن الإجماع لا يجوز أن ينعقد على ما يفسد ويتناقض، وقد بينا أن كون الإنسان في الدار المغصوبة معصية، وأن الصلاة قربة، وأن المعصية لا يجوز أن تكون قربة.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن الإجماع يجوز أن ينعقد على وجه يصح، وهو أن يجمعوا على أن ما يقع ممن في الدار المغصوبة من الصلاة وإن كانت معصية يسقط الفرض؟
  قيل له: هذا فاسد، وذلك أن الإجماع قد حصل أن المصلي يجب أن ينوي أداء الصلاة الواجبة أو الندوبة، وذلك لا يصح إلا مع اعتقاد وجوبها أو ندبها،