شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها

صفحة 481 - الجزء 1

  في الأحكام⁣(⁣١) كالتصريح بتنجيسه؛ لأنه لا مذهب إلا مذهب من يرى أنه لا ينقض الطهارة وأنه غير نجس، وهم طائفة من الإمامية، أو مذهب من يرى أنه ينقض الطهارة وأنه نجس.

  والذي يدل على نجاسة المني: ما روى ابن المسيب، عن عمار، قال: مر بي رسول الله ÷ وأنا أسقي راحلتي، فتنخمت فأصابتني نخامتي، فجعلت أغسل ثوبي، فقال رسول الله ÷: «ما نخامتك ودموع عينيك إلا بمنزلة واحدة⁣(⁣٢)، إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني - وهو الماء الغليظ - والدم والقيء». ففصل ÷ بين ما يجب أن يغسل الثوب منه وبين ما لا يجب، وإذا ثبت أن المني مما يجب أن يغسل منه الثوب ثبت أنه نجس.

  وروي عن عائشة قالت: قال رسول الله ÷: «إذا رأيت المني يابساً فحتيه، وإن⁣(⁣٣) كان رطباً فاغسليه».

  والأمر بالغسل يقتضي إيجابه. وهذان الحديثان ذكرهما الجصاص في شرحه بإسناديهما⁣(⁣٤).

  فإن قيل: قوله ÷: «إذا كان يابساً فحتيه» يدل على أنه غير نجس؛ إذ النجس لا يقتصر فيه على الحت عندكم.

  قلنا: قد ثبت أنه نجس بقوله: «اغسليه». وقوله: «إذا كان يابساً فحتيه» معناه: حتيه مع الغسل؛ لأنه إذا كان يابساً احتاج إلى الحت مع الغسل ليزول، فكأنه ÷ قال: إن كان يابساً فحتيه واغسليه، وإن كان رطباً فاقتصري به على الغسل، وترك لفظة الغسل مع الحت تعويلاً على ما نبه عليه.


(١) الأحكام (١/ ٦١).

(٢) في (د): بمنزلة الماء.

(٣) في (ج): وإذا.

(٤) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٥٨، ٥٩).