كتاب الصلاة
  فغسلها ثم ردها عليها، فقالت: أفسد(١) علينا ثوبنا، لقد كنت أفرك المني من ثوب رسول الله ÷ لا أزيد على ذلك(٢)؛ فدل على أنه طاهر.
  قيل له: لا يمتنع أن تكون عائشة أنكرت غَسْلَ القطيفة كلِّها وتَرْكَ الاقتصار على غسل موضع المني منها، أو أنكرت ذلك في غسل القطيفة كلها خاصة؛ لأن الغالب منها أنها لا تصلي فيها، وأنها تكون للنوم فيها، وما يكون خاصاً للنوم لا يؤتى [فيه](٣) هذه الأشياء؛ للمشقة؛ ولأن العادة كالجارية بذلك، ويجوز أن يكون قولها: «كنت أفركه من ثوب رسول الله ÷ لا أزيد على ذلك» أرادت به من ثوبه الجاري مجرى القطيفة، على أنه يحتمل أن تكون أرادت أنها كانت تفركه مع الغسل، وقولها: «لا أزيد على ذلك» أي: على موضع النجاسة، وعلى هذا التأويل يجوز أن يكون إنكارها لغسل جميعها من غير فرك.
  يدل على صحة ما قدمنا من التأويل: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس بن حسان(٤)، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك وبشر بن المفضل، عن عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار، عن عائشة، قالت: كنت أغسل المني من ثوب رسول الله ÷ فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه(٥).
  فبان أنها كانت تغسله من الثوب الذي كان رسول الله يصلي فيه، وتفركه من الثوب الذي كان ينام عليه وفيه.
(١) في (ب): أفسدت.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٧٩)، وأحمد في المسند (٤٠/ ١٨٧).
(٣) ما بين المعقوفين مظنن به في (ب).
(٤) الصواب: حدثنا يونس قال: حدثنا يحيى بن حسان ... إلخ كما في شرح معاني الآثار للطحاوي. (كاشف).
(٥) شرح معاني الآثار (١/ ٤٩، ٥٠).