شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 485 - الجزء 1

  فإن قيل: روي عنها أنها قالت: كنت أفركه يابساً بأصبعي، ثم يصلي فيه ولا يغسله⁣(⁣١).

  قيل له: ليس هذا فيه أن النبي ÷ قد عرف ذلك وصلى فيه، فلا يتعلق به.

  وأبو حنيفة موافق في تنجيسه، ويذهب إلى أن اليابس منه يذهب بالفرك دون الغسل، وذلك بعيد؛ لأن الفرك يزيل بعضه دون كله؛ لأنه لا خلاف في أن سائر النجاسات لا يجوز أن تزال بالفرك ليبسها، وقد بينا تأويل ما ورد من ذكر الفرك، وأن المراد به التنقية والمبالغة في الغسل، أو يكون هذا في الثياب التي لا يصلى فيها، وهذا مذهب جميع أهل البيت $.

  فأما المذي فطائفة من الإمامية تذهب إلى أنه طاهر، وعامة ما قدمنا ذكره من الاستدلال والمقاييس لنجاسة المني يجوز أن يعتمد عليها لنجاسته.

  وورد فيه: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: حدثنا أمية بن بِسْطَام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، عن أبي نجيح⁣(⁣٢)، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خَدِيج: أن علياً # أمر عماراً أن يسأل رسول الله ÷ عن المذي، قال: «يغسل مذاكيره ويتوضأ»⁣(⁣٣).

  وأخبرنا أبو بكر، قال: أخبرنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا عبدالله بن رجاء، قال: أخبرنا زائدة بن قدامة، عن حَصِين⁣(⁣٤)، عن أبي عبدالرحمن، عن علي، قال: كنت رجلاً مذاءً، وكانت عندي ابنة رسول الله ÷، فأرسلت إلى رسول الله ÷ فقال: «توضأ واغسله»⁣(⁣٥).

  فدل هذان الحديثان على نجاسته؛ لإيجاب النبي ÷ غسله.


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٥٠).

(٢) الصواب: ابن أبي نجيح كما في شرح معاني الآثار للطحاوي. (كاشف).

(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٤٥).

(٤) الصواب: عن أبي حَصِين كما في شرح معاني الآثار، وهو أبو حصين بفتح المهملة. (كاشف).

(٥) شرح معاني الآثار (١/ ٤٦).