كتاب الصلاة
  وذكر الجصاص أن في بعض الأخبار: «كفوا أيديكم في الصلاة»(١).
  وعلى أن في جمل ما روي في ذلك من الأخبار ما لا خلاف في أنه منسوخ، وهو رفع اليدين عند القيام من السجدة، وكذلك رفع اليدين بين السجدتين منسوخ عند أكثر العلماء.
  وأخبرنا أحمد بن علي النيسابوري، قال: حدثنا أبو سعيد العدل، قال: حدثنا أحمد بن العباس بن حمزة، قال: حدثنا محمد بن مهاجر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، قال: كان رسول الله ÷ يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لم يعد، [فقوله: كان يرفع يديه في أول تكبيرة يدل(٢)] على أن صلاته كانت استقرت على ألا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى؛ لأنه فعل ذلك على سبيل التعليم لصلاة النبي ÷، ثم لم يكن يرفع يديه في غيرها، وفي ذلك نسخ رفع اليدين في غيرها من التكبيرات، وقوله: «ثم لم يعد» يدل على نسخ الرفع في التكبيرة الأولى؛ لأن قوله: «ثم لم يعد» يبين أنه(٣) تركه بعد فعله، وهو دليل النسخ.
  ومن جهة النظر أن الجميع قد أجمعوا على أن الأيدي لا ترفع عند التكبيرة التي تفعل للقيام من السجود، وكذلك لا ترفع بين السجدتين عند أكثر العلماء، فوجب ألا ترفع عند شيء من التكبيرات، والمعنى أنها من الصلاة.
  وكذلك قد ثبت أنه إذا كان في القراءة دعاء لم ترفع الأيدي، فكذلك في القنوت، والمعنى أنه دعاء في الصلاة.
(١) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٦٠١).
(٢) ما بين المعقوفين نسخة في (ب).
(٣) في (أ، ج): يبين له تركه. وفي (د): تبيين لتركه.