باب القول في إمامة الصلاة
  الذي سمعت خفق نعليه؟» قال: أنا يا رسول الله، قال: «فما صنعت؟» قال: وجدتك ساجداً فسجدت، قال: «هكذا فاصنعوا ولا تَعْتَدُّوا بها، ومن وجدني قائماً أو راكعاً أو ساجداً فليكن معي على حالتي التي أنا عليها»(١).
  فلما قال رسول الله ÷: «هكذا فاصنعوا ولا تعتدوا بها» علم أنها استحباب، إذ هي غير معدودة في جملة الفرض، وإذا ثبت أن تلك السجدة غير معدودة من جملة الفرض صح ما قلناه: إنه يبتدئ الصلاة؛ لأنا قد بينا فيما مضى أنه لا يجوز أن يفعل في الصلاة المكتوبة سجدة زائدة على سبيل العمد، واستقصينا الكلام فيه.
  وقلنا: إنه يجعل ما لحق مع الإمام أول صلاته لما أخبرنا به أبو العباس الحسني |، قال: أخبرنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، عن علي بن القاسم الكندي، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي # قال: «إذا سبق أحدكم الإمام بشيء فليجعل ما يدرك مع الإمام أول صلاته، وليقرأ فيما بينه وبين نفسه، وإن لم يمكنه قرأ فيما يقضي».
  فإن قيل: روي عن النبي ÷: «فما أدركت فصل، وما فاتك فاقض»(٢)، وقد علمنا أن الذي فاته مع الإمام هو أول صلاته، فيجب أن يكون هو المقضي، وإذا وجب أن يكون هو المقضي صح أن ما يدركه هو ما فيه الإمام من الثانية أو الثالثة أو الرابعة.
  قيل له: معناه: ما أدركت وقته فصل، وما فات وقته فاقض؛ لأن الإنسان إنما يدرك الوقت دون المفعول فيه في الحقيقة؛ لأن الإنسان لا يقال: أدرك فعل نفسه، وإنما يقال: أدرك الوقت، والوقت فعل غيره.
(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٢٢٧).
(٢) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٢/ ٧٧).