شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 572 - الجزء 1

  فإن قيل: هذا مجاز؛ لأن الوقت ليس في اللفظ.

  قيل له: لا نمتنع من ذلك، إلا أن الحديث لا بد من أن يدخله المجاز على أي وجه حمل؛ لأنه إن حمل على أن معناه ما أدركت من صلاة الإمام لم يجز أن يقول: صله؛ لأنه يصلي صلاة نفسه دون صلاة الإمام، والأمر بفعل الغير محال، وإن حمل على أن معناه ما أدركت من صلاتك مع الإمام كان أيضاً فيه مجاز؛ لأنه لا يقال: إن الإنسان أدرك فعل نفسه إلا على سبيل التوسع.

  ويجوز أن يكون المراد به ما أدركت مع الإمام فصل معه، وما لم تدركه فصل لنفسك، ويكون معنى: «اقض» افعل، كما قال الله سبحانه: {فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ}⁣[فصلت: ١٢] أي: فعلهن، فلا يجب على هذا أن يكون بعد فراغ الإمام قاضياً.

  وأيضاً لا خلاف أن المنفرد لو ابتدأ الركعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لم تصح صلاته، فكذلك المؤتم، والعلة أنه ابتدأ الصلاة بغير أولها.

  فإن قيل: كما لا يأتم من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، فكذلك لا يأتم من يصلي الركعة الأولى بمن يصلي الركعة الثانية أو الثالثة.

  قيل له: ليس تعلق الظهر بالعصر تعلق الركعات بعضها⁣(⁣١) ببعض؛ ألا ترى أنه يتلافى في بعض الركعات ما يفوت في بعضها، كنحو القراءة عندنا، والسجدة عند بعض الناس، ولا يصح أن يفرق بينهما؟ وليس كذلك حكم الظهر مع العصر؛ لأنه لا يتلافى في العصر ما فات في الظهر؛ ولأنهما صلاتان متميزتان بالوقت، ولا يجوز أن يفعلا ثماناً معاً، بل يجب أن يفرق بينهما، على أن ذلك كما لم يجز لو شرع من عليه الظهر ولم يخف فوات العصر أن يصلي العصر للجماعة، بل يجب عليه أن يرفض الجماعة ويصلي الظهر، فبان بذلك أن حكم الظهر والعصر


(١) في (هـ): الركعتان بعضهما.