شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في إمامة الصلاة

صفحة 580 - الجزء 1

  للمسافر بالمقيم فيهما.

  وقال في المنتخب: يجوز للمسافر أن يصلي خلف المقيم، وللمقيم أن يصلي خلف المسافر.

  وكان أبو العباس الحسني | يتأول ذلك ويقول: إن المراد به في المغرب والفجر، أعني قوله في المنتخب، رواية واحدة.

  والصحيح عندي أنهما روايتان مختلفتان؛ لأنه قال في المنتخب: وقد ذهب بعض علماء أهل البيت $ إلى أن المسافر لا يصلي خلف المقيم، وأما أنا فأرى أنه جائز⁣(⁣١). ولا خلاف في أن ذلك في المغرب والفجر جائز، فبان أن الذي حكى المنع فيه وأجاز هو غير المغرب والفجر.

  ووجه رواية الأحكام: هو أنه قد ثبت أن فرض الظهر والعصر والعشاء الآخرة على المسافر ركعتان على ما نبينه فيما بعد إذا انتهينا إلى موضعه، فإذا ثبت ذلك فلو دخل المسافر في صلاة المقيم لكان لا يخلو من أن يصلي أربعاً كما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه، أو يصلي ركعتين ويسلم ويخرج من الائتمام كما تذهب إليه الإمامية، ولا يجوز أن يصلي أربعاً للائتمام؛ لأن الائتمام لا يغير عدد ما على المؤتم من الركعات؛ ألا ترى أنه لا خلاف في أن المقيم إذا صلى خلف المسافر لم يتغير عدد ما عليه من الركعات؟ فكذلك المسافر إذا صلى خلف المقيم، والعلة أن كل واحد منهما له فرض برأسه [يتميز⁣(⁣٢)] بتميز الركعات من فرض صاحبه، فلا يغيره الائتمام.

  فإن قيل: روي أن عثمان صلى بمنى أربعاً، وكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً، وإذا صلى وحده صلى ركعتين⁣(⁣٣).


(١) هذا على ما في نسخة من المنتخب. انظر المنتخب وهامشه ص (١١٤).

(٢) ما بين المعقوفين مظنن به في (أ، ب، د).

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٢٥٦) ومن طريقه مسلم (١/ ٤٨٢).