كتاب الصلاة
  قيل له: يجوز أن يكون فعل ذلك إذ رأى أن القصر مباح، ولم يره واجباً، ونحن بنينا كلامنا على وجوب القصر، عل أنا لسنا ندعي المسألة وفاقاً وأن ابن عمر عمل بخلاف قولنا.
  ولا يجوز أن يصلي ركعتين ويخرج من الصلاة؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون المؤتم قد أدى فرضه خلف المتنفل؛ لأن الجلسة تكون للمسافر فرضاً وللمقيم نفلاً، وقد ثبت أن المؤدي فرضه لا يصلي خلف المتنفل؛ ولأن قوله: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» يقتضي ألا يأتم المؤدي فرضه بالمتنفل؛ لأن الإنسان لا يكون مؤتماً بغيره إلا إذا فعل الفعل على الوجه الذي يفعله إمامه، فأما إذا فعله على غير ذلك الوجه لا يكون قد ائتم به، فمتى كان الإمام متنفلاً والمؤتم مؤدياً للفرض لم يقع فعلاهما على وجه واحد، بل على وجهين مختلفين.
  وليس لأحد أن يعترض ما قلناه بما ثبت أن المتطوع يأتم بالمؤدي للفرض؛ لأن ذلك مخصوص بالإجماع من الظاهر الذي تعلقنا به؛ ولأنا لم نعتل فيكون ذلك نقضاً للعلة، وإنما تعلقنا بالظاهر.
  فإذا ثبت أن المسافر لو دخل في صلاة المقيم لكان لا بد له من أن يأتي أحد الأمرين اللذين بينا فسادهما ثبت ما ذهبنا إليه من أنه لا يدخل في صلاته.
  وأما وجه رواية المنتخب فهو أن يقال: إنه لا يمتنع أن يكون الذي ثبت من أنه لا يقتدي المؤدي للفرض بالمتطوع هو إذا كانت تلك أحوال جملة صلاتهما، فأما مقدار التشهد فلا حكم له؛ لأن الحكم للأغلب؛ ولأن اسم الائتمام يلحق إذا حصل الائتمام في عامة الأحوال. فلا(١) يمتنع أن يقال: إن المسافر إذا جلس بعد الركعة الثانية خرج من الائتمام ويكون مصلياً لنفسه؛ ألا ترى أن الطائفة الأولى في صلاة الخوف تخرج من الائتمام والإمام بعد في الصلاة؟
(١) في (د): ولا.