كتاب الصلاة
  التكبير، فأما قوله: «كما أنتم» و «مكانكم» فلا يدل على أنه أمرهم بالقيام، بل يجوز أن يكون أمرهم أن يلزموا مكانهم ولا يتفرقوا ولا يصلوا منفردين.
  وأما قيامهم فلا يجب أن يكون كان بأمر النبي ÷، وقد روي في بعض الأخبار أنه ÷ أومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب واغتسل(١)، فدل أمره لهم بالجلوس على أنهم لم يكونوا في الصلاة.
  وقول أبي هريرة: «لم نزل قياماً ننتظره» لا يمنع مما ذكرناه؛ لأنه لا يمتنع أن يكون بعض القوم عرفوا الإيماء إلى الجلوس فجلسوا، وبعض لم يعرفوا فبقي قائماً، على أن الخبر متى تأولوه على ذلك يكون تكبير المأمومين قبل تكبير الإمام، وليس ذلك من سنة الاقتداء بالإجماع، وعندنا أنه لا يصح معه الائتمام البتة، فحمل الحديث على أن قيامهم كان قبل قيام النبي ÷ [أولى من حمله على أنهم كبروا قبل تكبيره(٢)].
  فإن قيل: روي عن عمر أنه صلى بهم جنباً ثم أعاد ولم يعيدوا.
  قيل له: يجوز أن يكون عمر لم يتحقق الجنابة، فأعاد احتياطاً لا وجوباً، ويجوز أن تكون المسألة أيضاً خلافاً.
  فإن قيل: كيف تقولون: إن صلاة المأموم معقودة بصلاة الإمام، وإنها تفسد بفسادها، ومن مذهبكم أن الإمام إذا أحدث فسدت صلاته، [ولم تفسد صلاة المؤتمين؟
  قيل: لأن الإمام إذا أحدث فسدت صلاته](٣) وخرج بذلك من الإمامة، ولم يأتم به القوم، فإذاً لم يأتموا(٤) بمن صلاته فاسدة؛ لأنهم لم يأتموا به إلا في حال
(١) ذكره في سنن أبي داود (١/ ١٠٠).
(٢) ما بين المعقوفين ظنن به في هامش (أ، ب، د).
(٣) ما بين المعقوفين من المطبوع.
(٤) في هامش ب: قد ائتموا. ظ.