شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 632 - الجزء 1

  يرجع إلى أهله]⁣(⁣١)، وإنه أقام بمكة ثمان عشرة يصلي ركعتين ركعتين، ثم يقول: «يا أهل مكة، قوموا فصلوا ركعتين أخريين، فإنا قوم سفر»، وقد ذكرنا إسناد هذا الحديث في مسألة صلاة المقيم خلاف المسافر.

  فهذه الأخبار أيضاً تدل على ما نذهب إليه؛ لأن فعل النبي ÷ في هذا الباب وقع بياناً لمجمل واجب - إذ عدد الركعات في السفر غير مبين في الكتاب - فيجب أن يكون محمولاً على الوجوب.

  فإذا ثبت ذلك ثبت أن الإتمام غير جائز، على أن قوله: «أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر» يدل على أن القصر من حكم السفر لا من حكم الاختيار؛ لأنه ÷ قال: «إنا قوم سفر» ولم يقل: فإنا اخترنا أن نصلي ركعتين للسفر.

  والأخبار في هذا الباب أكثر من أن تعد؛ لكنا قد اقتصرنا منها على اليسير خشية الإطالة؛ ولأن كتابنا هذا ليس المقصد فيه استيفاء الأحاديث.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ [إِنۡ خِفۡتُمۡ]⁣(⁣٢)}⁣[النساء: ١٠١]، فرفع الجناح يدل على الجواز لا على الوجوب، فدلت الآية على أن القصر جائز وأنه غير واجب.

  قيل لهم⁣(⁣٣): ليس لكم بالآية تعلق، وذلك أن القصر المذكور فيها أجيز بشرط الخوف؛ ألا ترى إلى قوله: {إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ}؟ ولا خلاف بيننا وبينكم أن المسافر يقصر وإن لم يكن خائفاً، فبان أن القصر المذكور في الآية ليس هو ما اختلفنا فيه.

  فإن استدل بالآية من ذهب إلى أن القصر لا يجوز إلا بشرط الخوف - لم يصح ذلك؛ لأنه قول قد سبقه الإجماع، فلا يجوز القول به؛ ولأن القصر


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (د).

(٣) في (أ): له.