كتاب الصلاة
  المذكور في الآية هو قصر الصفة لا قصر العدد، بدلالة(١) قوله عقيب الآية: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ}[النساء: ١٠٢]، يعني في الذين قال لهم: {وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ}[النساء: ١٠١]، فيكون المراد بهذا القصر هو أن ائتمام كل واحدة من الطائفتين قاصرة(٢) عن صلاة من أتم الائتمام.
  على أن الله تعالى قد قال: {۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ ...} الآية [البقرة: ١٥٨]، ولم يدل ذلك على أن السعي غير واجب، فكذلك القصر.
  وروي عن يعلى بن مُنْيَة(٣) قال: قلت لعمر: إنما قال الله ø: {فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ}، فقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله ÷ فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته»(٤).
  فنبه ÷ على أن قصر العدد غير مشروط فيه الخوف، وفي الخبر دليل على وجوب القصر؛ لأنه ÷ سماه صدقة، ثم قال: «فاقبلوا صدقته»، فأمر به، والأمر يقتضي الوجوب.
  فإن قيل: روي عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: «قصر رسول الله ÷ في السفر وأتم»(٥) فلو كان القصر واجباً لم يكن رسول الله ÷ يدعه إلى الإتمام.
  قيل له: قولها: «قصر رسول الله ÷» قصر العدد، وقولها: «أتم» يحتمل
(١) في (ب): بدليل.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) يعلى بن منية بضم الميم وسكون النون وفتح الياء المخففة، اسم أمه منية، واسم أبيه أمية، وينسب إليهما، قتل مع على # بصفين. (من هامش ب).
(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٤١٥).
(٥) شرح معاني الآثار (١/ ٤١٥).