شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 633 - الجزء 1

  المذكور في الآية هو قصر الصفة لا قصر العدد، بدلالة⁣(⁣١) قوله عقيب الآية: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ}⁣[النساء: ١٠٢]، يعني في الذين قال لهم: {وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ}⁣[النساء: ١٠١]، فيكون المراد بهذا القصر هو أن ائتمام كل واحدة من الطائفتين قاصرة⁣(⁣٢) عن صلاة من أتم الائتمام.

  على أن الله تعالى قد قال: {۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ ...} الآية [البقرة: ١٥٨]، ولم يدل ذلك على أن السعي غير واجب، فكذلك القصر.

  وروي عن يعلى بن مُنْيَة⁣(⁣٣) قال: قلت لعمر: إنما قال الله ø: {فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ}، فقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله ÷ فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته»⁣(⁣٤).

  فنبه ÷ على أن قصر العدد غير مشروط فيه الخوف، وفي الخبر دليل على وجوب القصر؛ لأنه ÷ سماه صدقة، ثم قال: «فاقبلوا صدقته»، فأمر به، والأمر يقتضي الوجوب.

  فإن قيل: روي عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: «قصر رسول الله ÷ في السفر وأتم»⁣(⁣٥) فلو كان القصر واجباً لم يكن رسول الله ÷ يدعه إلى الإتمام.

  قيل له: قولها: «قصر رسول الله ÷» قصر العدد، وقولها: «أتم» يحتمل


(١) في (ب): بدليل.

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) يعلى بن منية بضم الميم وسكون النون وفتح الياء المخففة، اسم أمه منية، واسم أبيه أمية، وينسب إليهما، قتل مع على # بصفين. (من هامش ب).

(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٤١٥).

(٥) شرح معاني الآثار (١/ ٤١٥).