شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 648 - الجزء 1

  قيل له: قد روي ذلك، إلا أن رواية صالح بن خوات أشد موافقة للكتاب، وأشبه بموضوع الصلاة؛ فلذلك رجحناها واخترناها.

  أما كونها أشد موافقة للكتاب فقد قدمنا ذكره.

  وأما كونها أشبه بموضوع الصلاة فلأن ما رووه فيه استدبار القبلة والانحراف عنها، والمشي الكثير، والاشتغال عن الصلاة بحراسة الناس وملاقاة العدو، وتلك الأحوال تفسد الصلاة.

  على أن ما قد ذهبنا إليه أشبه بالحال، وأشد موافقة لما يحتاج إليه؛ لأن الطائفة الأولى إذا كانت قد فرغت من الصلاة تكون أقوى على المدافعة، وإذا كانت بعد في الصلاة لم تتمكن من المدافعة كل التمكن.

  فإن قيل: ففي روايتكم أن الطائفة الأولى تتم صلاتها قبل الإمام، وذلك خلاف موضوع الصلاة.

  قيل له: صلاة الخوف لم تتميز عن سائر الصلوات إلا بهذا الأمر الواحد، وإذا لم تتميز به لم تكن صلاة الخوف إلا أن تتميز بغيره مما يجري مجراه في أنه خلاف موضوع الصلاة؛ ألا ترى أن في روايتكم مع ما قدمنا ذكره أن الطائفة الأولى تترك متابعة الإمام في الركعة الثانية وتشتغل بغيرها من الحراسة، وهذا خلاف موضوع الصلاة؟!

  فإن قيل: روي عن ابن عباس أن النبي ÷ صلى صلاة الخوف، فصلى بالطائفة الأولى ركعة وبالطائفة الثانية ركعة، فكانت صلاته ÷ ركعتين، ولكل طائفة ركعة⁣(⁣١).

  وكذلك رواه عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة أن النبي ÷ فعل ذلك⁣(⁣٢).


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٧٢) والطحاوي (١/ ٣٠٩).

(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٣١٠).