شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 649 - الجزء 1

  قيل له: يجوز أن يكون مراد الراوي للخبرين: الصلاة المفعولة جماعة دون ما فعلته كل طائفة على الانفراد؛ ليوافق هذان الخبران ما رويناه؛ إذ لا سبيل مع استعمال هذين الخبرين وما رويناه إلى غير ما ذكرناه من التأويل.

  فإن قيل: فقد روي عن مجاهد، عن أبي عياش الزُّرَقِي ما ذهب إليه أبو يوسف في بعض ما روي عنه أن النبي ÷ صلى صلاة الخوف بعُسفان، فصف الناس جميعاً خلفه صفين، ثم كبر ÷ وكبروا جميعاً معه، [ثم ركع وركعوا معه جميعاً، ثم رفع ورفعوا معه جميعاً]، ثم سجد وسجد معه الذين يلونه في الصف، وقام الصف المؤخر يحرسونهم بسلاحهم، ثم رفع ورفعوا، ثم سجد الصف الآخر، ثم رفعوا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، وفعلوا ما فعلوه أولاً⁣(⁣١).

  وحكي أيضاً أن ابن أبي ليلى كان يذهب إلى هذا.

  قيل له: هذا قد روي، إلا أن ظاهر الكتاب يرده، فلم نأخذ به، وذلك أن الله تعالى يقول: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ}⁣[النساء: ١٠٢]، وفي هذا الحديث أن الطائفتين جميعاً قامتا معه، وهذا خلاف الظاهر، ثم قال الله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ}، فأمر الله تعالى أن تأتي الطائفة الثانية التي لم تصل بعدما سجدت الطائفة الأولى، وفي هذا الحديث أن الطائفتين جميعاً جاءتا في وقت واحد وصلتا معاً، وهذا أيضاً خلاف الظاهر؛ فلهذا لم نقل به، فإما أن يكون منسوخاً بالآية إن ثبتت الرواية، أو يكون مردوداً، أو تكون روايتنا مرجحة عليها.

  وحكي عن أبي يوسف أنه كان يقول: إن صلاة الخوف منسوخة، وحكي عنه أنه كان يقول: إنها خاصة للنبي⁣(⁣٢) ÷.


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٣١٨، ٣١٩).

(٢) في (ب): بالنبي.