شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الجنائز

صفحة 703 - الجزء 1

  ÷ بالغسل قد حصل لكل مسلم، وكذلك أمر الله تعالى، وعائشة لم يكن يخفى عليها ذلك، فصح أن المراد بذلك هو أنه كان يتولى الغسل بنفسه، وذلك يصحح ما نذهب إليه.

  فإن قيل: روي أن النبي ÷ قال لعائشة: «إن جبريل # أخبرني أنك زوجتي في الجنة» فيجوز أن يكون قال لها ذلك لعلمه أن ما بينهما [في الدنيا⁣(⁣١)] لا ينقطع بينهما في الآخرة.

  قيل له: كونها زوجة له في الجنة لا يغير شيئاً من أحكام الدنيا، فلا وجه للاعتبار به.

  ويدل على ذلك ما روي أن أمير المؤمنين غسل فاطمة @(⁣٢)، وفيه وجهان من الدلالة: أحدهما: أن فعله عندنا حجة.

  الثاني: أن أحداً من الصحابة لم ينكر عليه، فجرى مجرى الإجماع منهم.

  فإن قيل: إن ذلك جائز له؛ لأن السبب الذي كان بينهما لم ينقطع؛ لقول النبي ÷: «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي».

  قيل له: هذا أيضاً لا تأثير له في أحكام الدنيا؛ ألا ترى أن النبي ÷ زوج ابنتيه من عثمان واحدة بعد واحدة؟ فلو كان لما ذكرتم تأثير في أحكام الدنيا لكان عثمان في حكم من جمع بين الأختين، فبان بما ذكرناه سقوط ما سألوا عنه، وكذلك لو كان لما ذكروا تأثير لوجب أن يجوز لأولاد النبي ÷ غسل نسائهم إذا متن، وبمثله سقط قول من قال: إن ذلك ساغ لعلي # لأن فاطمة صلوات الله عليها كانت زوجته في الدنيا والآخرة.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا ينظر الله ø إلى رجل


(١) ما بين المعقوفين من (أ) وهو نسخة في (د).

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٥٥٦).