كتاب الزكاة
  تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَاۖ}[الأنعام: ١٦٤] يقتضي أن الولي لا يؤدي عن اليتيم شيئاً، فإذا ثبت بالآية أن الولي لا يؤدي عن اليتيم وثبت أن اليتيم لا تجب عليه ثبت سقوطها عن ماله.
  قيل له: ظاهر الآية يقتضي أن الإنسان لا يستحق إلا ثواب ما سعى واكتسب أو عقابه، وليس فيه أن أحداً لا يؤدي حقا من مال غيره، ونحن نقول: إن ثواب السعي في إخراج الزكاة يكون للولي، وعقاب الترك لإخراجها يكون عليه، فقد قلنا بموجب الظاهر، وسقط ما ظنوا أنه يوجب أن الولي لا يؤدي عن اليتيم، وما أجمع عليه من أن الولي يخرج من مال اليتيم أروش الجنايات والنفقات وزكاة العشور، فصح ما ذكرناه في هذا.
  فإن قيل: فإن أبا بكر قال بحضرة الصحابة: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، [ولم ينكر عليه، فدل على أن الصبي لا زكاة عليه؛ لأنه لا صلاة عليه](١)، [وموجب الزكاة على اليتيم دون الصلاة مفرق بينهما](٢).
  [قيل له: كلام أبي بكر لا يصح أن يكون حجة لشيء من المذهبين](٣) في هذا الباب؛ لأن واحداً منهما لا يوجب على اليتيم إخراج الزكاة من ماله، [وإنما يوجب على الولي إخراج الزكاة من مال اليتيم](٤)، على أنه كان من المعلوم أن مراده بالفرق بين الصلاة والزكاة كان أداء الصلاة والامتناع من أداء الزكاة دون سائر الفروق؛ ألا ترى أن الفرق بينهما يكثر؟ لأن الزكاة لا تسقط عن الحائض وتسقط الصلاة، والسفر يرد الصلاة إلى الشطر ولا يرد الزكاة، والزكاة لا تلزم الفقير وتلزمه الصلاة.
(١) ما بين المعقوفين مظنن به في المخطوطات.
(٢) ما بين المعقوفين قال في هامش (ب): صح نسخة.
(٣) ما بين المعقوفين مظنن به في المخطوطات.
(٤) ما بين المعقوفين من المطبوع.