كتاب الزكاة
  فيها؟ قال: «أسنان الإبل، أخذتها من رسول الله ÷»(١).
  وروي عن ابن عمر، قال: بعث علي # إلى عثمان بصحيفة فيها كتاب يقول: مر سعاتك يعملوا بما فيها، فإن فيها سنن رسول الله ÷(٢).
  فكان فيما روي في ذلك عن أمير المؤمنين # وجهان من الدلالة: أحدهما: أن إذا قال قولاً وجب اتباعه. والثاني: أن هذين الخبرين دلا على أنه أخذ صدقات الإبل عن رسول الله ÷، فيكون الموقوف عنه في هذا الباب كالمسند إلى النبي ÷. فثبت بما ذكرناه من هذه الآثار صحة ما نذهب إليه من القول باستئناف الفريضة.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «فإذا كثرت الإبل» وفي بعض الأحاديث: «فإذا زادت الإبل على المائة والعشرين ففي كل خمسين حقة»، وفي بعض الأخبار: «في كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون».
  قيل له: المراد به هو المأخوذ من الزائد على المائة والعشرين، وهو الذي نذهب إليه؛ لأن الزائد إذا كان أربعين وجب فيه ابنة لبون، فإذا كان خمسين وجب فيه حقة، والغرض في هذا القول هو التنبيه على أن حكم الفرض بعد العشرين ومائة حكم الابتداء، لا يتغير، على أنا لو لم نقل بهذا التأويل لم يمكن استعمال الأخبار كلها، ووجب أن يسقط خبر الاستئناف، فبان به صحة تأويلنا.
  فإن قيل كيف يسوغ لكم أن تقولوا: في أربعين ابنة لبون، وفي خمسين حقة، وابنة لبون تجب في ست وثلاثين، وحقة تجب في ست وأربعين؟
  قيل له: كون ابتداء وجوب ابنة لبون في ست وثلاثين لا يمنع أن تكون هي
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣١٨) بلفظ: حدثنا فهد قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا شريك، عن المخارق، عن طارق، قال: خطبنا .... أخذتها من رسول الله ÷، فيها فرائص الصدقة. وأخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٧٠).
(٢) أخرج نحوه البخاري (٤/ ٨٤).