شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 69 - الجزء 2

  أنه لو ثبت أن المراد به في الزكاة لم يمتنع أن يكون ذلك رأياً رآه معاذ؛ إذ لم يسنده إلى النبي ÷.

  فإن قيل: عموم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}⁣[التوبة: ١٠٣] يوجب أخذ كل ما يسمى صدقة، سواء كان من جنس ما وجبت فيه الزكاة أم لم يكن من جنسه.

  قيل له: لا عموم في الآية للمأخوذ؛ لأنه إثبات في نكرة، وذلك يقتضي التخصيص، وإنما العموم في المأخوذ منه، وهذا يمنعهم من التعلق به على الوجه الذي ذكروه، على أن ما ذكروه لو كان عموماً لوجب أن يخص بالأدلة التي ذكرناها ونذكرها من بعد على طريق القياس.

  فإن قيل: روي أنه ÷ قال: «أغنوهم عن الطلب في مثل هذا اليوم»⁣(⁣١)، والغنى يكون بالطعام وقيمة الطعام.

  قيل له: هذا مخصوص بما روي أن النبي ÷ فرض زكاة الفطر في رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير⁣(⁣٢)، وسائر ما يرد في هذا الباب.

  فإن قيل: روي عن أبي بكر أنه قال بحضرة المهاجرين والأنصار: «لو منعوني عقالاً مما أعطوا رسول الله ÷ لقاتلتهم» والعقال لا يؤخذ إلا بالقيمة، ولم ينكر ذلك أحد من المهاجرين والأنصار.

  قيل له: يجوز أن يكون المراد به صدقة عام، فإنها تسمى عقالاً، وذلك معروف في اللغة.

  ويدل على ذلك من طريق القياس أن الزكاة حق على المسلمين في المال لا يسقطه الإبراء والعفو، فيجب ألا يجوز دخول القيم في أدائه، قياساً على ما يجب من الأضاحي والهدايا والعتق. وليس يعترض هذه العلة قولنا في الخضراوات


(١) أخرج نحوه الدارقطني (٣/ ٨٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٩٢).

(٢) أخرجه البخاري (٢/ ١٣٠)، ومسلم (٢/ ٦٧٧).