كتاب الزكاة
  التي لا يمكن حبس أولها على آخرها: إنه يخرج قيمة العشر منها إذا لم يكن ما يحصل في كل وقت مما تبلغ قيمته مائتي درهم؛ لأن ذلك يكون قضاء، ولا يكون أداء، ونحن إنما نمع دخول القيم في الأداء، وكذلك شرطناه في علتنا.
  فإن قيل: إن الضحايا والهدايا لم تجزئ فيها القيمة لأن الحق تعلق بإراقة الدم، ولم تدخل في العتق؛ لأن العتق حق للمعتق.
  قيل له: قد يجوز العدول في الهدايا وفي العتق إلى الصيام والإطعام على بعض الوجوه، فسقط ما تعلقوا به. على أنا لا نمتنع أن نقول: إن الزكاة تعلقت بالجنس، فلا يجوز العدول عنه. على أن ما قالوه لو كان صحيحاً لجاز إخراج قيمة اللحوم في الضحايا والهدايا بعد إراقة الدم، وهذا ما لا يقولون به.
  على أنا لو سلمنا لهم ما ذكروه لم يمنع ذلك من صحة علتنا؛ إذ كان لا يمتنع أن يتعلق الحكم لنا بعلتين. وأيضاً لا خلاف أنه لا يجوز أن يجعل السكنى عوضاً عما يعطون من الصدقة، فوجب أن تكون القيمة كذلك قياساً؛ والعلة أنه عدول عن المسنون في أدائها إلى العوض.
  فإن قيل: الغرض بالصدقة هو المواساة، وذلك يتم بالقيمة.
  قيل له: هذا فاسد بالأضاحي والهدايا.
  فإن قيل: قد أجزتم البعير عن شاة في خمس من الإبل، فيجب على هذا أن تجوزوا سائر الأبدال.
  قيل له: لأن ذلك عندنا أحد الواجبين على ما قدمنا القول فيه، وليس هو مأخوذاً على سبيل البدل.