كتاب الزكاة
  فكل هذه الآثار تحقق ما نذهب إليه من أن الصدقة لا تلزم حتى يحصل النصاب في الملك.
  فإن قيل: هذا وارد في المنفرد.
  قيل له: إنه لم يستثن حالة الاجتماع عن حالة الانفراد، فهو عام فيهما جميعاً.
  ويدل على ذلك قوله ÷: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة»، وجائز أن يطلق اللفظ في أحد الشريكين إذا كان بينهما خمس ذود فقط، فيقال: ليس له إلا دون خمس ذود، فوجب أن تنتفي عنه الصدقة لقوله: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة». وعلى هذا الطريقة يستدل بقوله ÷: «ليس في أقل من أربعين شاة زكاة».
  فإن قيل: فقد قال ÷: «في خمس من الإبل شاة»، وقال: «في أربعين شاة شاة»، فأشار إلى العدد، وهو ينتظم حالة الشركة والانفراد.
  قيل له: لا دلالة لكم فيما ذكرتم؛ لأنه يقتضي وجوب الشاة في خمس ما من الإبل، وفي أربعين ما من الشاء، وذلك لا يقتضي العموم، فإذا أوجبنا الصدقة في خمس ما من الإبل، وفي أربعين شاة ما من الغنم - فقد خرجنا من عهدة الخبر. على أنا لو سلمنا لكم ما ادعيتموه لعارضه عموم قوله ÷: «ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون أربعين شاة شيء»، وانفرد لنا سائر ما اعتمدناه. على أن ما اعتمدناه أولى؛ لأنه يتضمن ذكر الملك والعدد، وما اعتمدوه يتضمن ذكر العدد فقط، والخلاف إنما وقع في الملك، فكان ما اعتمدناه أولى؛ لأنه أخص بموضع الخلاف.
  فإن قيل: فما تقولون فيما روي من قوله ÷: «لا يجمع بن مفترق، ولا يفرق بين مجتمع»(١)؟
(١) أخرجه البخاري (٢/ ١١٦)، والترمذي (٢/ ١١).