باب القول في زكاة المواشي
  يؤكد ذلك: أن ما يسقى بالدوالي وإن سقتها السماء في بعض الأوقات لم يتغير حكمها؛ لما لم يكن ذلك أصلاً وغالباً، فكذلك السوم لا يزيل حكم الاستعمال حتى يكون غالباً؛ لأن المستعمل أيضاً قد يرعى في بعض الأوقات.
  فإن قيل: فهلا قلتم في هذا كما قلتم في الأرض تسقى بعض السنة سيحاً وبعضها بالدوالي؟
  قيل له: لأن(١) لكل واحد من السقيين حكماً لم يمكن الاعتراض به على صاحبه، فراعينا كل واحد منهما على حياله، ووزعنا المأخوذ عليها، وليس كذلك صدقة المواشي، فإنها وجبت في صفة هي السوم، فقلنا: إن الصفة إما أن تكون مستوفاة أو تكون غالبة، فإذا لم تحصل واحدة من الحالتين لم نجعل لها حكماً؛ إذ لا خلاف أنه لا اعتبار باليسير من السوم كنحو ما يكون في يوم وأيام.
  فأما ما قلناه من أنها إذا كانت موقوفة للكراء أو للتجارة ففي قيمتها ربع العشر فسنبين الكلام فيه في باب أموال التجارة.
مسألة: [في أنه يؤخذ من الخيل والحمير إذا كانت للتجارة ربع عشر قيمتها]
  قال: وكذلك الخيل والحمير إذا كانت للنتاج أو للكراء أو التجارة(٢) ففيها ربع عشر قيمتها، ذكر(٣) يحيى # صدقة الخيل والحمير في المنتخب، وكلامه فيها يحتمل أن يكون المراد به إذا كانت للتجارة؛ لأنه قال عاطفاً على كلام له في إيجاب الزكاة في الدواب التي تكون للتجارة.
  ويحتمل أيضاً أن يكون أراد به زكاة السوم؛ لأنه ذكر النتاج ونسق عليه كلامه؛ ولأنه لما فسر الخيل التي عفا عنها رسول الله ÷ قال: هي التي يركبها صاحبها في سبيل الله أو إلى ضيعته ومنافعه، وليست للتجارة.
(١) في (د): إن.
(٢) في (أ، ج)، د): والتجارة.
(٣) في (أ، ب، ج): وذكر.