شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الأرضين

صفحة 125 - الجزء 2

  خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين، والخمس لا يكون نصفاً.

  ويدل على ذلك أيضاً: أن النبي ÷ فتح مكة عنوة بالسيف، ومَنَّ على أهلها، وأقرهم على أملاكهم فيها.

مسألة: [في أن فتح مكة كان عنوة وليس صلحاً وأن النبي ÷ مَنَّ بها على أهلها]

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن مكة فتحت صلحاً؟

  قيل له: لا يقول ذلك من عرف الأخبار والمغازي؛ لأن كل من نقل المغازي نقل أنها فتحت عنوة، ثم الأحوال التي جرت كلها تدل على أنها فتحت عنوة، فمنها: أنه لم يعرف لرسول الله ÷ صلح انعقد بينه وبين أهل مكة إلا صلح الحديبية، وقد نقضته قريش بما كان منها في خزاعة - وهم حلفاء رسول الله ÷ - في إعانتها بكراً، وهم خلفاء قريش، وكانت خزاعة حالفت رسول الله ÷ يوم الحديبية.

  ومما يدل على أن ما جرى من قريش في ذلك كان نقضاً: ما تظاهرت به الأخبار من مجيء أبي سفيان إلى النبي ÷ لتجديد الصلح، فلم يكلمه ÷، ثم جاء إلى أبي بكر فأبى، ثم أتى عمر فقال له على ما رواه ابن جرير الطبري: أنا أشفع لكم إلى رسول الله ÷؟! والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم، ثم جاء إلى فاطمة وإلى أمير المؤمنين @ فقال له علي: يا أبا سفيان، لقد عزم رسول الله ÷ على أمر ما نستطيع أن نكلمه، ولا أعرف لك شيئاً، ولكنك سيد بني كنانة، فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك.

  فقال: أو يغني ذلك شيئاً؟ قال: لا، ولكني لا أعرف غير ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس، إني أجرت بين الناس، وانصرف، فحكى ذلك لأهل مكة، فقالوا له: ويلك، ما زاد علي على أن لعب بك، فما يغني عنا ما قلت⁣(⁣١)؟


(١) رواه الطبري في تاريخه (٢/ ١٥٤).