شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية أخذ الزكاة

صفحة 155 - الجزء 2

  لسائر الأدلة التي ذكرناها.

  فإن قيل: فإن من مذهبكم بناء العام على الخاص، فهلا خصصتم تلك العمومات بهذا الحديث؟

  قيل له: نحن نوجب تخصيص العام بالخاص إذا لم يمكن استعمال الخاص إلا مع تخصيص العام، فأما إذا أمكن لم نوجب ذلك، ولا يمتنع أن يتأول الخاص بضرب من التأويل ويبقى العام على عمومه، سيما إذا كان الخاص لا يصير بما نتأوله مجازاً، فإن ذلك إذا كان كذلك فإنه يكون أولى من تخصيص العام به.

  على أن أصول البيعات تشهد لاستعمالنا وقياسنا؛ لأن ما جاز بيعه من مسلم جاز بيعه من جميع المسلمين.

مسألة: [في أن للإمام إجبار الرعية على دفع الزكاة كلها إليه]

  قال: وللإمام أن يجبر الرعية على دفع زكوات أموالهم كلها إليه من الذهب والفضة وغيرهما، ومتى اتهم صاحب المال بإخفاء شيء تلزمه فيه الصدقة استحلف احتياطاً.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  والأصل فيه قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}⁣[التوبة: ١٠٤]، وكل ما أمر النبي ÷ بفعله في أمته فالإمام قائم فيه مقامه، إلا ما منع منه الدليل.

  وروى ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن ابن عباس أن معاذاً قال: بعثني رسول الله ÷ وقال: «إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم»⁣(⁣٢)، فأخبر رسول الله ÷ أن صدقة أموالهم مفترضة عليهم، وأن من حكمها أن تؤخذ من


(١) الأحكام (١/ ١٨٤)، والمنتخب (١٧٠).

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٥٣).