باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة
  حصول النفع بالولاء. ولا يلزم عليه ما نذهب إليه من أن سهم السبيل يجوز صرفه إلى إصلاح الطرق وما جرى مجراها؛ لأن نفعه لا يرجع إلى خاصته. ولا يلزم عليه أيضاً جواز إعطائه الغريم ثم مطالبته بحقه؛ لأن المطالبة إنما هي فيما(١) كان في ذمته لا بمعنى حادث، يبين ذلك أن للغريم ألا يعطيه ما أعطاه المتصدق، ويعطيه من غيره، والولاء يثبت بنفس العتق، لا بمعنى متقدم. ولا يلزم عليه الكفارات؛ لأنها لا يصح فيها غير ذلك.
  على أن قوله في هذا ينافي النص؛ لأن النبي ÷ قال: «الولاء لمن أعتق»، وهذا يوجب أن يكون الولاء لجميع المسلمين إذا أعتق من جملة الصدقات، فيكون الولاء على هذا قد صار لمن لم يعتق، وهذا خلاف النص، فبان أن قولنا أولى وأشبه بالأصول.
مسألة: [في الصنف السادس: الغارمين]
  قال: والغارمون هم الذين لزمتهم الديون في غير سرف ولا إنفاق في معصية.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢).
  ولا خلاف أن هؤلاء يعطون على الفقر؛ لأنه لو كان غنياً لم يعط لكونه غارماً بالاتفاق.
  ووجه قولنا: إنهم الذين لزمتهم الديون في غير معصية: قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْوَيٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْإِثْمِ وَالْعُدْوَٰنِۖ}[المائدة: ٣]، ومعاونة من لزمته الديون في المعاصي معاونة على الإثم والعدون، فوجب أن يكون ذلك غير مراد بالآية.
  فإن قيل: قضاء الدين على أي وجه لزم واجب، فالمعاونة عليه معاونة على البر والتقوى.
(١) لعلها: بما.
(٢) الأحكام (١/ ١٨٧)، والمنتخب (١٧١).