شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 217 - الجزء 2

  فإن قيل: فابن عباس يذكر أن عمر دعانا [إلى رأيه في ذلك]⁣(⁣١) لينكح به أيمنا، ويقض به غراماتنا، فأبينا، فدل ذلك على أن رأي عمر فيه كان خلاف رأيهم.

  قيل له: إنه رأى أن يتصرف عليهم فيه، ولم يذكر أنه رأى أن الحق لغيرهم، فما ادعيناه من الإجماع حاصل، والخلاف في أنه كان له أن يتصرف عليهم بالولاية أم لا.

  فإن قيل: روي أن عمر قال: «إن لكم حقاً، ولا⁣(⁣٢) يبلغ علمي أقليل لكم أم كثير؟ فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرى» فأبينا عليه إلا كله، فأبى أن يعطيناه كله⁣(⁣٣)، ففي هذا أن رأيه كان مخالفاً لرأيهم.

  قيل له: هذا يدل على أنه وافقهم على أن حقهم ثابت، وأن الخلاف كان في المقدار، وفي هذا ما يدل على إطباقهم على ثبوت حق ذوي القربى.

  فإن قيل: روي أن فاطمة أتت النبي ÷ تشكو أثر الرحى في يدها، وبلغها أنه أتاه سبي، فسألته خادماً، فلم يجبها إلى ذلك، وقال: «ألا أعلمك شيئاً خيراً لك من ذلك، تكبرين الله سبحانه كذا وكذا، وتهللينه كذا وكذا»⁣(⁣٤)، فدل ذلك على أنها لم يكن لها فيه حق مستحق.

  قيل له: هذا لا يدل على ما ذكرت؛ لأنه لا يمتنع أن يكون النبي ÷ استطاب نفسها لما كان بالمسلمين من الخلة، كما روي في بعض الأخبار: «لا أدع


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (د).

(٢) في (أ، ب، د): فلا.

(٣) أخرجه الشافعي في مسنده (١٧٧٣) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٥٦٠) عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: لقيت علياً عند أحجار الزيت فقلت له: بأبي أنت وأمي ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس؟ ... إلخ.

(٤) أخرج نحوه البخاري (٤/ ٨٤)، ومسلم (٤/ ٢٠٩١).