باب القول فيما يستحب ويكره للصائم
  فإن قيل: ألستم تقولون: إن الغبار لا يفطر؟
  قيل له: نقول ذلك إذا كان يسيراً لا يمكن الاحتراز منه، فأما إذا كثر حتى يصير مقداراً يمكن الاحتراز منه فإنه يفسد الصوم؛ لأنه(١) وسائر الطين على سواء.
  وأما السواك وبل الثوب والمضمضة فقلنا في جميعه: لا بأس به لأن شيئاً من ذلك لا يصل به شيء إلى الحلق، ويجب عليه في جميع ذلك أن يحترز من وصول شيء إلى الجوف.
  وروى أبو داود في السنن يرفعه إلى أبي بكر قال: رأيت رسول الله ÷ بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش، أو من الحر(٢).
  وروى ابن أبي شيبة يرفعه إلى النبي ÷ أنه استاك وهو صائم(٣).
  وكرهنا الوصال للنهي الوارد فيه عن النبي ÷ حيث يقول: «لا وصال في صيام»(٤). وعن علي # مثله(٥).
  وروى ابن أبي شيبة بإسناده إلى النبي ÷ أنه نهى عن الوصال، قال: فقالوا: يا رسول الله إنك تواصل، فقال: «إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فإن أبيتم فمن السحر إلى السحر»(٦). ولأنه إدخال الضرر على النفس، وذلك مما لا يحسن متى لم يؤمر به.
(١) في (ب، د): ولأنه.
(٢) سنن أبي داود (٢/ ١٧٦) ولفظه: حدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن سُمَي مولى أبي بكر بن عبدالرحمن، عن أبي بكر بن عبدالرحمن، عن بعض أصحاب النبي ÷ قال: رأيت النبي ÷ أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر .... قال أبو بكر: قال الذي حدثني: لقد رأيت ... إلخ.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٩٤).
(٤) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٨/ ٣٤٤)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (٣/ ٣٢١).
(٥) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي # (١٤٨)، ومصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٣١).
(٦) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٣١).