كتاب الصوم
  وفي غير هذا الإسناد قيل: وما وحر الصدر؟ قال: «إثمه وغله»، فهو أيضاً # شبهه بصيام الدهر، فدل ذلك على أن صيام الدهر كان عنده مستحباً.
  وأخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن شعيب، قال: حدثنا أحمد بن هارون، قال: حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن المطوس، عن المطوس، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ÷: «من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر»(١).
  فدل ذلك على تعظيمه ÷ فضل صيام الدهر.
  فأما النهي الوارد عن صيام الدهر فهو محمول على أحد الوجهين:
  إما أن يكون المراد به إذا صام العيدين وأيام التشريق، أو يكون المراد بالنهي من خشي أن يضر بجسمه، ويؤديه إلى الإخلال بسائر الواجبات، ومن كان كذلك فإنا نكره صيام الدهر له؛ إذ قد بينا فيما تقدم أن كل مستحب يخشى منه أن يؤدي إلى الإخلال بالواجب مكروه.
  ولأن أيام الدهر خلا ما ذكرناه من العيدين وأيام التشريق إذا ثبت أنه مستحب على الانفراد وجب أن يكون مستحباً على الجمع(٢)، كأيام شعبان وغيره.
  وقلنا: لا يجوز صيام أيام العيدين وأيام التشريق لما روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي ÷ نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى(٣).
  ولما روي عنه ÷ من النهي عن صيام أيام التشريق وقوله: «إنها أيام
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٤٧) إلا قوله: «من رمضان».
(٢) لفظ شرح التحرير للقاضي زيد: ولأن كل يوم من الدهر يستحب صومه على الانفراد سوى هذه الأيام، فكذا على الجمع.
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٨٠٠)، وأبو داود (٢/ ١٨٩).