شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يستحب ويكره من الصيام

صفحة 264 - الجزء 2

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُواْ أَعْمَٰلَكُمْۖ ٣٤}⁣[محمد]، ومن خرج بعد الفجر فأفطر يكون مبطلاً للجزء الذي حصل صائماً فيه.

  قيل له: المراد في هذا الموضع أن يكون الثواب، للأدلة التي تقدمت، وثوابه لا يبطل.

  وهو قياس على من خرج قبل الفجر؛ بعلة أنه حصل مسافراً في شهر رمضان. والسفر قياس على المرض؛ بعلة أنه عذر في الإفطار، وفي أي وقت حصل جاز الإفطار. وقياس على الحيض؛ بعلة أنه معنى لو حصل في أول جزء من النهار جاز له الأكل، فكذلك إن حصل بعده.

  فإن قيل: إذا أصبح في منزله فقد وجب عليه الصيام وجوباً لا خيار له فيه، ثم حدثت حادثة باختيار منه، وهو السفر، فلو قلنا: إنه مخير فيه لأدى إلى إبطال ما لا خيار فيه لأجل ما فيه الخيار.

  قيل له: هذا منتقض بمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم، فإن الصوم قد وجب عليه وجوباً لا خيار له فيه، ومع ذلك له الإفطار إذا سافر.

  فإن قيل: بدخول شهر رمضان لا يجب عليه الشهر كله.

  قيل له: فكذلك بدخول أول جزء من اليوم لا يجب اليوم كله، وهذا ما لا فرق فيه.

مسألة: [فيمن لا يجوز له الصيام ومن يجب عليه الإفطار ومن يكره له الصيام]

  قال: ولا يجوز صيام الحائض والنفساء، فأما الحامل والمرضع فإنه يجب عليهما الإفطار متى خافتا على الجنين والمرضَع. وكل من خاف على نفسه من الأعلاء فإنه يكره له الصيام، وإن صام أجزأه، وكذلك الحامل والمرضع. ويجوز الإفطار لمن لا يصبر على العطش من الرجال والنساء، وكذلك القول في الهرم منهما، فأما من لا يصبر على العطش فإنه متى خرج من علته هذه لزمه القضاء لما أفطر من الصيام، وكذلك غيره ممن ذكرنا.