باب القول فيما يستحب ويكره من الصيام
  نص في الأحكام(١) على أن جميع هؤلاء يفطرون.
  وقلنا في الأعلاء: «إن صاموا كره وأجزأهم» تخريجاً، أما الكراهة فعلى أصوله من أن إدخال الرجل الضرر على نفسه مكروه بقوله: «يستحب صيام الدهر لمن لم يضر بجسمه»، وليس بعد الاستحباب إلا الكراهة، فوجب أن يكون كره صيام الدهر إذا أدى إلى الضرر، فكذلك صيام هؤلاء.
  وقلنا: «يجزي» إذ لم نجد في أصوله ما يوجب القضاء، هذا ما لم تكن العلة شديدة، فأما إذا اشتدت وبلغت إلى حيث يعلم أن الصوم لا يحل، وأن الإفطار واجب، فأصول أصحابنا تقتضي أنه لا يجزي، كما ذكروا في الصلاة في الأرض المغصوبة، والوضوء بالماء المغصوب أن المعصية لا يجوز أن تكون قربة.
  والأصل فيما قلناه من أن الحائض والنفساء لا يجوز صيامهما: أنه لا خلاف في أن الحيض والنفاس معنيان ينافيان الصوم، فكان في معنى هجوم الليل في أنه لا يصح معه الصيام؛ إذ هو معنى ينافيه.
  والأصل فيما قلناه في الأعلاء قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}[البقرة: ١٧٤]، والمسألة وفاق.
  وما قلناه في الحامل والمرضع والهرم والمستعطش فالأصل فيه ما رواه يحيى #، وهو:
  ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي # قال: لما أنزل الله تعالى فريضة شهر رمضان أتت النبي ÷ امرأة حبلى فقالت: يا رسول الله، إني امرأة حبلى وهذا شهر مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني إن صمت، فقال رسول الله ÷: «انطلقي فأفطري، فإذا أطقت فصومي»، وأتته امرأة مرضع فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض وهي تخاف أن ينقطع لبنها
(١) الأحكام (١/ ٢٣٧).