باب القول في الأذان
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  والوجه فيه: أنهما عبادتان يختصان بالنطق، فيكره أن يقطع بينهما، كالخطبة وسائر الأذكار. ويقوي ذلك ما استقر من عادة المسلمين أنهم لا يتكلمون بينهما، بل يستمرون فيهما(٢) من غير أن يتخللهما(٣) ما ليس منهما، وهي عادة لهم من أول الإسلام.
مسألة: [في إجزاء أذان المحدث لا إقامته وأن الجنب لا يؤذن ولا يقيم]
  قال: ولا يجوز للمحدث أن يقيم، ولا بأس بأذانه. وقال القاسم #: لا يؤذن الجنب(٤).
  وما ذكرناه أولاً منصوص عليه في الأحكام، وما حكاه(٥) عن القاسم # منصوص عليه في مسائل النيروسي.
  وذكر يحيى # في الأحكام(٦) العلة في منع المحدث من الإقامة، فقال: «لأنه ليس بعدها إلا الصلاة»، فكأنه شبهه بالخطبة؛ لأن الخطبة لما وليتها الصلاة لم يخطب إلا المتطهر، فكذلك الإقامة لا يقيمها إلا المتطهر؛ لأن الصلاة تليها؛ ولأنه لم يرو عن أحد من مؤذني رسول الله ÷ ولا أكابر الصحابة أنه أقام ثم تطهر، بل كانوا يبتدئون الصلاة حين يفرغون من الإقامة، فبان أنهم لم يكونوا يقيمونها إلا متطهرين.
  فأما وجه ما قاله القاسم # من أن الجنب لا يؤذن فهو أنه وجد الجنابة أغلظ من الحدث، ووجد الجنب ممنوعاً من دخول المسجد وقراءة القرآن، فمنعه
(١) الأحكام (١/ ٩١).
(٢) في (أ، ج): فيها.
(٣) في (أ، ب، ج): يتخللها ما ليس منها.
(٤) وهو مفهوم كلام الهادي #؛ لأنه قال: لا بأس أن يؤذن المؤذن وهو على غير وضوء.
(٥) لعلها: حكيناه.
(٦) الأحكام (١/ ٩١).