باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها
مسألة: [في نجاسة الدم إذا بلغ قطرة]
  قال: فأما الدم فيجب إزالته إذا كان قدراً لو كان على رأس جرح قطر، فلو كان دون ذلك لم تجب إزالته.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)؛ لأن الناس اختلفوا فيما فوق ذلك، فأما دون ذلك(٢) فلم يختلفوا فيه وإن كانت عبارتهم عنه مختلفة، فمنهم من قال: إذا كان مثل رؤوس الإبر، ومنهم من قال: إذا كان مثل دم البراغيث، وكل ذلك يرجع إلى معنى واحد أو متقارب.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥]، فأخبر بأنه نجس بعد ما وصفه بأنه(٣) مسفوح، ويؤكد ذلك تعذر الاحتراز منه، والمشقة الغالبة فيه.
  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر، عن محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: (خرجت مع رسول الله ÷ وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئاً، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحها، ولم يحدث وضوءاً، ومضى إلى الصلاة)(٤).
  ألا ترى أنه لما كان يسيراً لا يسيل لم يغسل منه يده ولا أنفه؟ فبان بأنه معفو عنه.
(١) الأحكام (١/ ٦١).
(٢) في (أ، ب): لأن الناس اختلفوا فيما دون ذلك، فأما فوق ذلك.
(٣) في (أ): بعدما أخبر أنه.
(٤) مجموع الإمام زيد # (٦٨)، وأمالي أحمد بن عيسى #.