(فصل): [في كيفية دفن الميت وأحكامه]
(*) فصل: والدفن فرض كفاية إجماعاً؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ٢١}[عبس]. قال ابن عباس: أي: فأكرمه بالقبر. قلت: ولقوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ}[المائدة: ٣١]، فنبه على العلة، وهي مواراة السوأة على حال مستدام. والأولى دفن النهار لمن مات فيه. الهادي والفقهاء: ولا يكره± في الليل؛ لدفنه ÷ ليلاً، وفاطمة ليلاً، وأوصت بذلك، وقبرها بمسجد دارها [أي: مصلى دارها] أو خوخة دار منبه[١]، أو بالجادة على باب دار محمد بن زيد بن علي، على اختلاف الرواية. هـ ودفن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ليلاً مخافة أن ينبشه العدو، وقبره # برحبة [أي: صحن] مسجده في الكوفة، أو جامع الكوفة، أو الغَرِي[٢]، وهو المشهور الآن. (بحر لفظاً).
(*) إلا الكافر [الحربي] والفاسق فلا يجب، إلا أن يتأذى[٣] ببقائهما دفنا. (بيان). وأما الذمي والمعاهد فقال في الإرشاد: يدفن الذمي. قال في شرحه: وجوباً؛ لحرمة الذمة¹.
=
[١] اسم بقعة في المدينة. وقيل: قبرها في البقيع في المسجد الذي يصلي فيه الناس على الجنائز.
[٢] قوله: «وقبره في الغَرِي» وما يدعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره، وأنه حمل إلى المدينة، أو أنه دفن في رَحْبَة الجامع، أو عند باب قصر الإمارة، أو أنه ند به البعير الذي حمل عليه فأخذته الأعراب - فباطل كله، لا حقيقة له، وأولاده أعرف بقبره، وأولاد الناس كلهم أعرف بقبور آبائهم من الأجانب، وهذا القبر هو الذي زاره بنوه لما قدموا العراق، منهم جعفر بن محمد # وغيره من أكابرهم وأعيانهم. وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بإسناد ذكره هناك: أن الحسين # لما سئل: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلاً من منزله بالكوفة حتى مررنا به على مسجد الأشعث، حتى انتهينا به إلى الظهر بجنب الغري. (من شرح النهج). وروي أن الصادق # مر مسافراً فأمر صفوان الجمَّال أن ينيخ به في الموضع المسمى بالغري، وقال:
قِفْ إذا زُرْتَ الغَرِيّا ... وَابْكِ مَوْلاكَ عَلِيّا
وقال: روي ذلك عن الشافعي. (شرح هداية).
[٣] هذا كلام الفقيه علي المتقدم في الكفن، والمختار خلافه في¹ الفاسق. اهـ ظاهر الشرح في قوله: «ثم بعد تجهيزه والصلاة عليه ...» إلخ أن هذا في حق من يصلى عليه، والفاسق لا يصلى عليه، والأولى بقاء الكتاب على ظاهره.