شرح الأزهار ط أهل البيت،

عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح (المتوفى: 877 هـ)

(باب) من تصرف فيه الزكاة

صفحة 306 - الجزء 3


(*) وإنما قال: إن الأصل في السؤال التحريم لأنه لا ينفك عن ثلاثة أمور محرمة: الأول: إظهار الشكوى من الله تعالى؛ إذ السؤال إظهار للفقر، وذكر لقصور نعمة الله تعالى عنه، وهو عين الشكوى، وكما أن العبد المملوك لو سأل غير سيده لكان سؤاله تشنيعاً على سيده فهكذا سؤال العباد تشنيع على الله، وهذا ينبغي أن يحرم ولا يحل إلا لضرورة كما تحل الميتة. والوجه الثاني: أن فيه إذلال السائل نفسه لغير الله تعالى، ولا ينبغي أن يذل نفسه لغير الله، بل عليه أن يذل نفسه لمولاه فإن فيه العز كله، فأما سائر الخلق فإنهم عباد أمثاله فلا ينبغي أن يذل نفسه لهم إلا لضرورة، وفي السؤال إذلال للسائل بالإضافة إلى المسؤول. والثالث: أنه لا ينفك عن أذى المسؤول غالباً؛ لأنه ربما لا تسمح نفسه بالبذل من طيبة قلبه، فإن بذل حياء من السائل أو رياء فهو حرام على الآخذ، وإن منع ربما استحيا وتأذى في نفسه بالمنع؛ إذ يرى نفسه في صورة البخلاء، ففي البذل نقصان ماله، وفي المنع نقصان جاهه، وكلاهما مؤذ، والسائل هو السبب في الإيذاء، والإيذاء حرام إلا لضرورة، ومهما فهمت هذه المحذورات فهمت قوله ÷: «مسألة الناس من الفواحش» أعاذنا الله منها. (من تصفية الإمام يحيى بن حمزة #). فانظر كيف سماه فاحشة، ولا يخفى أن الفاحشة إنما تباح للضرورة، كما يباح شرب الخمر لمن غص بلقمة وهو لا يجد غيرها. (كما وجدت) والله أعلم.

(*) قال أبو مضر: وإنما كان السؤال محظوراً مع الفقر لأن في ذلك إذلالاً لنفسه، وقد نهى ÷ أن يذل المرء نفسه إلا في طاعة الله تعالى، وقال ÷: «لا تحل المسألة إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو غرم موجع، أو دم مفظع»، وعنه ÷: «من سأل الناس ومعه ما يكفيه فإنما يستكثر من نار جهنم» قيل: يا رسول الله، ما الذي يغنيه؟ قال: «ما يغديه ويعشيه». وعن علي # شعراً:

لا تخضعن لمخلوق على طمع ... فإن ذلك نقص منك في الدين

واسترزق الله مما في خزائنه ... فرزق ربك بين الكاف والنون

وقد قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢١}⁣[الحجر]، وقال آخر: