(باب الأوقات)
  المشرق بعد تناهيه في النقصان من جهة´ المغرب.
  قال #: وفي هذا ضعف؛ لأنه لو أريد ذلك كان يكفيه أن يقول: «زيادة ظل كل منتصب في ناحية المشرق»، ولا يحتاج إلى قوله: «بعد تناهيه في النقصان».
  وقيل: المراد بعد تناهيه في النقصان من ناحية الشام(١)، وذلك في الشتاء فحسب؛ لأن الشمس فيه تكون في جهة اليمن والظل إلى نحو الشام، فكيفما ارتفعت الشمس(٢) نقص الظل حتى تستوي الشمس، وفي حال نقصانه ينتقل الظل إلى المشرق، فعند ميل الشمس إلى المغرب يزيد الظل في ناحية المشرق؛ لأنه قد انتقل إليها.
  ونظَّر ذلك مولانا # من وجهين: أحدهما: أن المراد ذكر علامة الزوال في كل وقت، وهذا الذي ذكر يختص الشتاء.
  والوجه الثاني: ذكره في الغيث(٣).
  وقيل: المراد بعد تناهيه في النقصان من ناحية المشرق أيضاً، وأن جهة الزيادة والنقصان واحدة، وذلك لأنه ذكر(٤) أن الشمس عند زوالها يزيد الظل إلى ناحية المشرق، ثم يقهقر فينقص، ثم يزيد بعد القهقرى، فالزيادة الأولى لا عبرة بها؛ لأنها تنقص بعد، وإنما علامة الزوال الزيادة بعد ذلك النقصان.
(١) هذا هو الظاهر من العبارة وإن كان يختص ذلك بالشتاء. فتأمل.
(٢) لأن السماء كالقبة، تطلع الشمس من أطرافها، وكلما ارتفعت تناقص الظل، حتى إذا صارت في كبد السماء تناهى تناقصه، فإذا أخذت في الانحطاط زاد الظل إلى المشرق، وذلك هو الزوال.
(٣) وهو أنه لا فرق بين ظل المغرب وظل الشام في أنه أغنى قوله: «زيادة ظل كل منتصب في ناحية المشرق» عن قوله: «بعد تناهيه في النقصان».
(٤) أي: صاحب هذا القول.