شرح الأزهار ط أهل البيت،

عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح (المتوفى: 877 هـ)

(كتاب الأيمان)

صفحة 6 - الجزء 8

(كتابٌ الأيمان)

  اعلم أن لليمين معنيين: لغوي واصطلاحي.

  أما اللغوي: فلفظ «اليمين» على ما ذكره أصحابنا(⁣١) مشترك بين معانٍ خمسة، وهي: الجارحة⁣(⁣٢)، والجانب⁣(⁣٣)، والقوة⁣(⁣٤)، والرابع: الشيء السهل⁣(⁣٥)، وخامسها: القسم. هكذا في الانتصار.


(١) مشكل عليه في أكثر النسخ، ولعله الصواب؛ لأنه لا يختص بذلك أصحابنا، بل في أصل اللغة.

(٢) قال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى ١٧}⁣[طه ١٧].

(٣) قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}⁣[مريم ٥٢].

(٤) قال تعالى: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر ٦٧]، أي: بقوته. (صعيتري).

(*) قال الشاعر:

إن المقادير في الأوقات نازلة ... فلا يمين على دفع المقادير

أي: لا قوة، وسميت أحد اليدين باليمنى لزيادة قوتها بالنسبة إلى الأخرى، وسمي الحلف يميناً لإفادة القوة على المحلوف عليه. (حاشية هداية).

(٥) قال تعالى: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ٢٨}⁣[الصافات]، أي: تسهلون علينا الأمر في الدين وتقربون لنا الضلالات. (زهور). وفي بعض الحواشي ما لفظه: ينظر في قوله: اليمين بمعنى الشيء السهل، فليطالع في كتب اللغة والتفسير في قوله: {تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ٢٨}.اهـ قال في الكشاف: لما كانت اليمين أشرف العضوين، وكانوا يتيمنون بها، فيصافحون بها، ويماسحون، ويتناولون، ويزاولون أكثر الأمور، ويتشاءمون بالشمال، وكان الأعسرمعيباً عندهم، فعضدت الشريعة ذلك، فأمرت بمباشرة أفاضل الأمور باليمين، وأراذلها بالشمال، وكان رسول الله ÷ يحب التيامن في كل شيء - استعيرت لجهة الخير وجانبه فقيل: «أتاه عن اليمين، أي: من قبل الخير وناحيته فصده عنه وأضله»، وجاء في بعض التفاسير: من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات. ولك أن تجعلها - أي: اليمين هنا - مستعارة للقوة والقهر؛ لأن اليمين موصوفة بالقوة، وبها يقع البطش، والمعنى: أنكم تأتوننا عن القوة والقهر، وتقصدوننا عن السلطان والغلبة حتى تحملونا على الضلال وتقسرونا عليه، وهذا من خطاب الأتباع لرؤسائهم. (كشاف).