الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

فصل [في بيان الحق في الظني من الفروع]

صفحة 124 - الجزء 1

  فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}⁣[البقرة: ٢١٣].

  بيان الاستدلال بهذه الآية أن (النَّبِيِّينَ): عام لكل نبي، ونبينا ÷ سيدهم، والكتاب في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} عام بدليل أن الكتب مع الأنبياء كثيرة، ونظيره قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢}⁣[العصر] بدليل صحة الاستثناء، والقرآن واسطة عقدها الثمين.

  وقوله تعالى: {لِيَحْكُمَ} الضمير عائد إلى الكتاب المفيد للعموم، أي: لتحكم تلك الكتب بين الناس فيما اختلفوا فيه من الأحكام التي عرفت بالكتب بدليل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}⁣[البقرة: ٢١٣] أي: المختلف فيه من بعد ما جاءتهم البينات من نصوص تلك الكتب وأماراتها الدالة على أعيان الأحكام. فقال تعالى: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ}⁣[البقرة: ٢١٣] لما كان الحق مع بعضهم فبغي عليهم بالمخالفة والشقاق لهم بعدما عرف أن الحق بأيديهم، إما بما ذكرنا من النصوص والأمارات، وإما بالنص على أن ذلك البعض هو الموفق لإصابة الحق، نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب: ٣٣]، وقوله ÷: «وإني تارك فيكم ...» الخبر. حيث نور الله قلوبهم لما أطاعوه؛ لقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩] كما مر. وذلك معنى قوله تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}⁣[البقرة: ٢١٣].

  قالوا: قال تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[الحشر: ٥].

  قلنا: معنى {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} فبإباحته، وذلك حكم واحد.