[بحث مفيد في مسائل الخلاف الأصولية]
  قديمة، لتتعلق القدرة، والعلم بهما، كالمماثلة، والمخالفة، فإن المماثلة لا تكون إلا بين شيئين، وكذا المخالفة.
  والقدرة والعلم كذلك، لا يكونان إلا بين قادر ومقدور، وعالم ومعلوم، وأن تعلق القدرة بالمعدوم محال، فأجابوا بأن ذوات العالم ثابتة في الأزل، ثابتة دائماً، فلم تتعلق القدرة، والعلم بالمعدوم، أو بالعدم، بل بالثبوت، أو بالثابت، فلا يلزم أن يكون العالم، أو أصوله موجودة في الأزل، هذا أقرب ما يحمل كلامهم عليه، وما يفهمه من تطلّع على مناقشتهم مع الفلاسفة.
  ويمكن أن يجاب على الجميع بأن القدرة لا تتعلق إلا بالمعدوم، لا بالثابت، ولا بالموجود.
  أما على كلام أصحابنا فإن القدرة تعلقت بإيجاد الذوات، والإيجاد معدوم، لا بثبوت الذاتية لها على فرض تسليم قولهم.
  وأما على الفلاسفة: فإن القدرة تعلقت بتكثير الذوات، أو بتغيير حالها من حال إلى حال، كتغيير الجماد إلى الحيوانية، والتغيير والتكثير معدومان.
  وكذا قدرتنا تعلّقت بقيامنا، وقعودنا، وهما معدومان؛ لأنَّ القدرة لم تؤثر في غير ما ذكرنا.
  بل المحال تعلق القدرة بالموجود، لأنَّه من تحصيل الحاصل، وتحصيل الحاصل محال.
  وأما العلم فمتعلق بالموجود والمعدوم، أما على كلام أصحابنا فإنه يتعلق بالذوات الحاضرة، وبإيجاد ما أخبرنا به القرآن أنه سيحصل، وأما على كلام الفلاسفة؛ فلأنا نعلم بما قد مضى من أفعالنا في المدة القريبة، وقد عدمت، وبما هو حاضر من الأشياء الموجودة، فقد تعلق العلم بالموجود، والمعدوم.