[بداية الكتاب]
[بداية الكتاب]
  
  الحمد لله الذي فلق إصباح العقول في قلوب أعلام بريته، فأشعلها سبحانه بمصابيح الأنوار القاشعة لسدول الحنادس عن نهج حق معرفته، فسلكته خواطر الأفكار تؤم إشراق شموس البديع من عجيب صنعته، فوافتها ناطقة بلسان تطريزها المحكم أنه تعالى المشيِّء لها سبحانه بتقدير قدرته.
  والصلاة والسلام على محمد النبي المختار لتبليغ الرسالة إلى الثقلين لاستيداء شكر نعمته، وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه، المنزل منزلة هارون من موسى إلا النبوة، عهده وبعده في أمته، وعلى سيدة النساء، وخامسة أصحاب الكساء، وعلى ولديهما السيدين الإمامين الشهيدين، وعلى سائر الطيبين من عترته، وعلى أتباعهم الراشدين من الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى يوم الدين من أهل ملته.
  وبعد:
  فإنه لما كان علم الكلام هو أجل العلوم قدراً، وأعظمها حظاً، وأكبرها خطراً، وأعمها وجوباً، وأولاها إيثاراً، وأولها صدراً؛ لكونه لبيان معرفة المليك البديع، وتقديساً للعليم السميع من مشابهة الخلق الضعيف، والجور القبيح السخيف، وكثر في ذلك الخلاف والشقاق، وقل فيه الائتلاف والاتفاق، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ٨ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج].