الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

فصل [في حقيقة النظر وما يجب منه وأقسامه]

صفحة 27 - الجزء 1

  ومعرفته لا تكون إلا بالنظر؛ لامتناع مشاهدته تعالى، كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

  وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه، وإلا وقع الخلل في الواجب، وقد قضى العقل بقبحه فتأمله.

  وقوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}⁣[الغاشية: ١٧]، ... الآية، ونحوها.

  قالوا: لا يدرك بالعقل إلا الضروريات فقط، فيدرك الإمام أو الشيخ⁣(⁣١) ما يناسب حروف القرآن وغيرَه⁣(⁣٢) من سائر المغيبات ضرورة، ثم يُعَلِّمَانِه.

  قلنا: العلم بأنا ندرك بالنظر ضروري، كالعلم بأنا نروى بالماء، ونشبع بالطعام.

  وقولكم: يدرك الإمام أو الشيخ ما يناسب حروف القرآن وغيرَه من المغيبات ضرورة - مجرد دعوى منهما عليكم بلا دليل؛ حيث لم تدركوا أنتم ذلك ضرورة مثلهما، ولم تنظروا في صحة دعواهما؛ لبطلانه عندكم، وكل دعوى بلا دليل لا شك في بطلانها، وإلا فما الفرق بين دعواهما،


= من المنافع العظام، مثل: السمع، والبصر، والعقل، و اللسان، وغيرها، وليس الخلق لغرض راجع إلى نفسه؛ لأنَّه غني بل لغرض راجع إلينا وهو النعمة والإحسان، فإذا استلزمت هذه النعمة المُلكية، والعبودية فبالأولى الشكر. وإذا تأملت القرآن، وبعض ما ورد في السنة وجدته يجعل الطاعات والعبادات كلها شكراً، ويوجبها لأجل الشكر؛ لأنَّه يذكر النعمة، ثم يستنكر على عدم الشكر عليها، ويوبخ، ولا فائدة في ذكر النعم وتعدادها ثم يستنكر ويوبخ على عدم الشكر عليها لو لم تكن هي توجب الشكر، ولو كانت العقول لا تدرك ذلك كان ذكرها عبثاً عَرِيًّا عن الفائدة قال تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ ١ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ٢ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ٤}⁣[قريش]، {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلاَّ الإحْسَانُ}⁣[الرحمن: ٦٠] وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ٧١ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ٧٢ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ٧٣}⁣[يس]، وأي فائدة في تعداد النعم ثم تعقيبها بالاستنكار والتوبيخ على عدم الشكر عليها لو لم تكن توجب الشكر، وأنا نعرف ذلك بعقولنا، ونحو ذلك في القرآن كثير. [تمت بتصرف].

(١) الإمام: إمام القرامطة؛ لأنهم يسمون زعيمهم إماماً، والشيخ: شيخ الصوفية؛ لأنهم يسمون زعيمهم شيخاً.

(٢) أي: غير المناسب. تمت من كتاب عدة الأكياس.