[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة
  عموم هذه الآيات على كل فرد من أفراد العموم قطعية بلا نزاع، الأولتان في كل فرد، والآخرتان(١) في كل فرد بعد التخصيص بما ذكر.
  وأما مسائل النبوة والإمامة فنحو: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف ١٥٨]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء ٥٩]، فإن الأولى عامة لجميع الناس إلا ما خصه الدليل كالصبي والمجنون، والثانية عامة لجميع المؤمنين بطاعة جميع أولي الأمر منهم إلا ما خصه الدليل، نحو: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ونحو قوله ÷: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه»، فإنه عام لكل مسلم؛ إذ ما من مسلم إلا والنبي ÷ مولاه، وكذلك قوله ÷: «اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه»، فإنه عام لكل من والى علياً # ولكل من عاداه.
  وأما مسائل الوعد والوعيد فهي التي تحتاج إلى مزيد نظر وإمعان سديد، وقد قال جماعة من أهل العدل بأنها في الوعد ظنية، وفي الوعيد قطعية، وهذا أدخل في التحكم لنصرة المذهب، سيما مع عدم التكلم في سائر مسائل الاعتقاد المذكورة، أو إطلاق القول أنها ظنية فيها ما عدا الوعيد.
  والحق الحقيق بالتحقيق أنها قطعية فيهما، أعني في الوعد والوعيد معاً، وأن دلالته على الباقي بعد التخصيص في أيهما قطعية، ولا بد للخصوم من هذا، وإلا ألزمناهم ما لا قِبَل لهم به من الإشكالات والمحالات التي لا محيص لهم عن ارتكابها أو الرجوع إلى الحق. والذي يدل على أن دلالة العموم على كل فرد من أفراده في جانبي الوعد والوعيد قطعية لأنا(٢) لو لم نقل بذلك لزم أن لا نعتقد أن أحداً في الجنة غير من نص الله عليه بذاته أو علم من الدين ضرورة أنه سيصير
(١) {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٥٠}. (منه ¦).
(٢) «أنا» ظ.