الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 386 - الجزء 2

  إليها كالنبي، فيلزم الاستكفاء في الدلالة على ذلك بالظن، و {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس ٣٦]، فلا يجوز الاعتماد عليه، فإما أن ينتقل عنه إلى القول بأن دلالة العموم على الأفراد قطعية فهو الذي نقول، أو إلى التوقف وتجويز الأمرين وذلك كفر بلا ريب؛ لأنه شك في مصير المؤمنين إلى الجنة، وكذلك القول بمصير الكفار إلى النار يلزم أن لا نعتقد أن أحداً فيها سوى من نص الله عليه بذاته كإبليس اللعين وأبي لهب إن سلم أن الآية خبر⁣(⁣١) عن مآله، وإلا فقد قدمنا في باب العدل عدم تسليم ذلك، وأن الآية إنما وردت وعيداً عليه مشروطاً⁣(⁣٢) بعدم وقوع إيمانه بعد نزولها، وكفرعون وهامان وثالث أو رابع لهما على الخلاف في أقل الجمع⁣(⁣٣)؛ لقوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ}⁣[هود ٩٨]، ومن عدا هؤلاء من الكفار يلزم الشك في مصيرهم إلى النار، وهو كفر، أو الحكم عليهم بمجرد الظن، وهو باطل أيضاً كما مر.

  فإن قيل: فهذا الإلزام وارد عليكم؛ لأنكم تقولون: لا قطع بمصير مسلم معين إلى الجنة إلا المعصوم ومن علم أنه مات مستقيماً على الإيمان، ولا قطع بمصير كافر معين إلى النار إلا من علم أنه مات على الكفر، والعلم بموت المسلم على الإيمان أو الكافر على الكفر مما لا طريق لنا إليه، فيلزم الشك فيه أو العمل في حقه بالظن، ثم كذلك في كل مسلم وكل كافر، فيحصل الشك أو العمل بالظن في جملة المؤمنين وجملة الكفار سوى من نص عليه الشارع بذاته، فما أجبتم به فهو جوابنا.

  فالجواب عن ذلك من وجهين:

  أحدهما: وهو نقض السؤال، وذلك أنا ألزمنا الخصم الشك أو العمل بالظن


(١) في المخطوط: خبراً.

(٢) في المخطوط: وعيد عليه مشروط.

(٣) في المخطوط: الجميع.