[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة
  في جملة المؤمنين المقطوع بإيمانهم، وجملة الكافرين المقطوع بكفرهم، وما أورده السائل يعود إلى الشك أو العمل بالظن في شخص معين هل دخل في جملة المؤمنين أو في جملة الكافرين، وأين أحد الإلزامين من الآخر؟ فلا يرد علينا السؤال، فتأمل.
  الوجه الثاني: وهو الحل بإيضاح الجواب على فرض صحة السؤال، وإن كان لا يلزمنا إلا على سبيل التفضل، وذلك أنا نقول: إن قول السائل: «وكذلك في كل مسلم وكل كافر الخ» غير مسلم؛ لأنه لا يلزم أن يقال ذلك في كل فرد من أفراد المسلمين أو أفراد الكافرين بمقتضى قود مذهبنا أن دلالة العموم في الوعد والوعيد على كل فرد قطعية إلا مشروطاً بأنه لم يكن في علم الله من جملة المؤمنين أو جملة الكافرين، فلا يلزم من ذلك العمل بالظن أو الشك في مصير جميع المؤمنين إلى الجنة ومصير جميع الكافرين إلى النار سوى من نص عليه الشارع بذاته فتأمل.
  وعلى مقتضى قود مذهب الخصم أن الدلالة ظنية الإلزام لازم ولو فرضنا ذلك في شخص معين قد أخبرنا الله بأنه يموت على الإيمان أو على الكفر ولم يخبرنا بأنه إلى الجنة أو إلى النار بخصوصه، بل قال بعد ذلك: وكل مؤمن في الجنة، أو كل كافر في النار، فلا يدخل هذا الشخص المعين تحت هذا العموم إلا ظناً، ثم كذلك في كل شخص ممن لم ينص الشارع على مآله بذاته، فيؤدي إلى الشك أو العمل بالظن في مصير جملة المؤمنين إلى الجنة ومصير جملة الكافرين إلى النار سوى من نص عليه بذاته، وهذا واضح لا غبار عليه، وحينئذ فلا بد من القول بأن دلالة العموم في جانبي الوعد والوعيد على مفرداته قطعية كما في غيرهما من مسائل أصول الدين ومسائل أصول الشريعة، نحو أن الكتاب والسنة والإجماع حجة على كل مكلف، وأن الصلاة ونحوها واجبة على كل مكلف، وكذلك إقامة الحدود وغيرها من الأحكام القطعية، كوجوب المهر، والبينونة بالطلاق البائن، وإثبات المواريث، ونحو ذلك، وإلا لزم أن يبعث الله