[الرجاء]
  الممدوح، وقد علمت أنه بمعزل عنه، فلا يَروعَنَّك تلبيسهم وتخليطهم الحقائق، ومقابلتهم مذهبهم بالأياس والقنوط من رحمة الله تعالى الذي هو سيما القوم الكافرين، ودعواهم أن مذهبنا يؤدي إليه، فذلك من باب التلبيس وخلط الحقائق وعدم الإنصاف، وإهمال النظر والتدبر لآيات الله ومعاني ألفاظ وحي الله؛ لأنهم جعلوا الرجاء والإرجاء مادة واحدة وهو الإرجاء، وقسموه إلى قسمين: أكبر، وهو المذموم الذي وردت الأحاديث بذمه. وأصغر، وهو الممدوح، ويعبر عنه بالرجاء أنه مُؤَدَّى مذهبهم واعتقادهم في تجويز العفو عن أهل الكبائر بلا توبة، وقد علمت أنهما مادتين مختلفتين كما بينا الاستشهاد على ذلك بالآيات الكريمة، ويؤيده من جهة القواعد العربية أن أَرجَأ رباعي، فمضارعه: يُرجي، بضم حرف المضارعة وقلب همزة آخره ياء، لكنها تحذف عند إسناد الفعل إلى واو الجماعة للثقل، كما قال تعالى: {مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ}؛ لأن صيغة المضارع واسم الفاعل واحدة مع إبدال الميم بحرف المضارعة، ومصدر هذه المادة الإرجاء بإثبات الهمزة بعد آلة التعريف، وأما «رَجَأ»: فهو ثلاثي، فمضارعه: يرجو بفتح أوله - وهو حرف المضارعة - وقلب همزة آخره(١) واواً، لكنها تحذف عند إسناد الفعل إلى واو الجماعة لتوالي الأمثال، ومصدر هذه المادة: الرجاء بلا همزة في أوله، فعلمت أنهما مادتان مختلفتان، وبابان(٢) غير مؤتلفين لا في اللفظ ولا في المعنى، وإنما ذلك الخلط والتقسيم بناء وتفريع(٣) على المذهب الفاسد والاعتقاد الكاسد.
  لا يقال: بل قول أهل التجويز يؤول إلى الرجاء الممدوح، وهو الأمل للغفران ولو من دون توبة، وغايته: خطؤهم بتسميته إرجاء أصغر.
  لأنا نقول: إن الأمل من دون عمل يقتضي المؤمل من الخير ليس إلا أماني
(١) ينظر هل آخر رجا همزة فقلبت واواً أو أصلية الواو فقلبت ألفاً، وقوله هنا: لتوالي الأمثال فيه ما فيه.
(٢) في المخطوط: مادتين مختلفتين وبابين.
(٣) في المخطوط: بناء وتفريعا. وفي مختصر الكاشف الأمين: بالرفع.