[ما تمسك به المرجئة من الآيات والأحاديث، والرد عليهم]
  سبب نزول الآية أن وحشي قاتل الحمزة # وغيره من كفار قريش كتبوا لرسول الله ÷ من مكة بعد وقعة بدر: إنا قد ندمنا على ما وقع منا من العصيان وقتل حمزة، ونخشى أن لا تقبل توبتنا؛ لكثرة ما وقع منا من المعاصي وأنواع الكفر، فأنزل الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}، وشرط التوبة والإنابة واتباع الكتاب، إلى قوله تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ}[الزمر ٥٩]، فعلم أن المراد بالخطاب هم الكفار.
  لكن لهم أن يقولوا: إن العبرة بعموم اللفظ العام وهو قوله: {يغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} لا بخصوص سببه، فيدخل الفاسق في العموم.
  فنقول: نعم يدخل الفاسق في ذلك العموم، لكن القيد بالآيات المذكورة عقيب ذلك باشتراط التوبة راجع إلى الجميع، فلا دلالة على الغفران في الآية من دون توبة.
  الآية الثالثة: قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}[الرعد ٦].
  قلنا: ظاهرها متروك بالإجماع؛ للزوم أن يغفر الشرك وغيره من أنواع الكفر، فلابد من تقييد ذلك بالتوبة، فلا دلالة في الآية على غفران الكبائر من دونها.
  الآية الرابعة: قوله تعالى: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[المائدة ١٥].
  قلنا: الصغائر والكبائر التي يتوب عنها كثير، فتصدق الآية من دون ثبوت مدعى الخصم، فلا دلالة فيها على ما زعمه.
  الآية الخامسة: قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤ لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦}[الليل]، فأخبر سبحانه وحصر وقصر أنه لا يدخلها إلا المكذب، والفاسق ليس بمكذب.
  قلنا: لفظ «نار» نكرة وصفت بأنها تلظى، ولا عموم فيها، فمسلم أن هذه النار الشديدة لا يدخلها إلا المكذب، ويدخل الفاسق ناراً غيرها، وبعد،