[العالم محدث]
  شريفة لشرف موضوعها، وعظيمة لعظم منفوعها، وعلى المسترشد أن ينظر إلى المقال ولا ينظر إلى مَن قال، فلا غُنْيَةَ عن ذكرها في هذا المقام؛ لتضمنها جميع ما ذكر من الكلام، فحَسُنَ بذكرها في هذه المسألة الختامُ، وتَجَوَّدَ بإدراجها في هذا الموضع التمامُ، وأسأل الله أن يجعلها ذخيرة عند القيام:
  تعالى الذي خص باسم القدم ... فليس الوجود له عن عدمْ
  هو الواجب الدائم الأول ... هو الآخر المبتديء للأممْ
  وكل الملوك فملك له ... ومُحدَثَه صنعه المنتظم
  وكل عزيز ذليل له ... وكل غني فمنه اغتنَم
  وليس له في الورى مشبه ... وليس له مثل يُلتَأَم
  تحير أهل النُّهى فانتهى ... ذكاهم عن الكُنْهِ أعمى أصم
  ولم يدركوا غير أن الذي ... له الأمر مولاهمُ المُعْتَصَمْ
  هو القادر العالم الحي محيي الخلا ... ئق بعد الفنا والعدم
  سميع بصير خبير بهم ... مدبرهم في الحشا والظُلَم
  هو المنشِيء الخلق من نطفة ... مصورهم كيف ما شا أتم
  ونوعهم فاستوى صنعه ... على اثنين فافهم صحيح القِسَم
  فهذي ذكور وذا ضده ... وكلٌ فأفراده تُرتَسَم
  بوصف له مانع لبسه ... إذا كان في اللبس قبح يضم
  وإلا فقد يتفق وصفهم ... كنحو الغراب فكم ذا الحِكَم
  وفي ملكوت السما عبرة ... وفي الأرض فانظر بفكر أتم
  فتلك النجوم لها زينة ... دلائل في الليل إن قد هجم
  مُسَيَّرة في بروج لها ... حثيثاً وبطئاً على ما حكم
  وفيها سراج أضاء لنا ... دجى الليل حتى أزاح الظُلَم
  على قَدَرٍ مشرقاً مغرباً ... وحجماً وحراً لقصد النعم
  وفي القمر انظر فكم آية ... تدل على صانع ذي عظم