(مسألة: أقسام الحقيقة الشرعية ممكنة وواقعة):
  مناسبة ذاتية طبيعية لا تنفك عنها، وهم(١)، قال مولانا الحسين بن القاسم @ في شرح الغاية: وبطلانه ظاهر. ثم اختلف القائلون بالإمكان، فأطلق في الأساس عن أئمتنا $ والجمهور من غيرهم أنها واقعة، وحكى عن الإسفرائيني وبعض المرجئة عدم وقوعها وإن كان ممكناً عقلاً، فالصلاة والصوم ونحوهما لم ينقلهما الشارع عن معناهما اللغوي الذي هو الدعاء والإمساك، بل استعمال هذين اللفظين في هاتين العبادتين من تسمية الكل باسم الجزء؛ إذ لا بد في الصلاة من الدعاء وفي الصوم من الإمساك.
  قلنا: لا ينصرف الذهن عند إطلاق هذين الاسمين إلا إلى هاتين العبادتين، وذلك دليل الحقيقة.
  قالوا: بتعارف أهل الشرع لا بنقل الشارع وهو الله تعالى، فهي عرفية خاصة لا شرعية إلا مجازاً.
  قلنا: لو كانا مجازاً لافتقرا إلى القرينة الدالة على التجوز، ولا قرينة في قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ}، {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ}، فيلزم أن المراد بذلك الدعاء والإمساك دون هاتين العبادتين المعروفتين.
  ثم لا يخفاك أيها المسترشد أن إنكار هؤلاء للحقيقة الشرعية بأصلها أحد مقدمات الإرجاء؛ لئلا يقولوا: إن الإيمان قد نقل عن معناه الأصلي وهو التصديق إلى معنى آخر وهو الإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، ولما كان إنكارهم الحقيقة الشرعية من أصلها معلوم البطلان لم يساعدهم بقية المرجئة إلى ذلك، فاختلفوا بعد تسليم الحقيقة الشرعية في ذات بينهم على حسب ما سيأتي في المسألة الآتية، كل ذهب إلى مقال يريد الانفصال به عن لزوم القول بخلود الفساق في النار، وأن صاحب الكبيرة لا يسمى فاسقاً، بل يسمى مؤمناً على زعمهم.
(١) يوجد بياض في الأصل. وفي حاشية على الأصل: عباد بن سليمان الصيمري ومن معه.